وكان من كبار الفقهاء، مفتياً، ذا شهرة واسعة، وإليه انتهت الرئاسة بالمغرب، وعنه انتشر مذهب مالك هناك.
وكان محمد بن وضّاح لا يفضِّل أحداً ممن لقيَ على سحنون في الفقه ودقيق المسائل.
وقد ولي سحنون القضاء بالقيروان سنة أربع وثلاثين ومائتين، واستمر إلى أن مات.
وصنّف «المدوَّنة» في فروع المذهب المالكي، وكان أسد بن الفرات أوّل من شرع في تصنيفها، فكانت تسمى «الاَسدية».
قال الذهبي في سيره: وأصل «المدونة» أسئلة سألها أسد بن الفرات لابن القاسم، فلما ارتحل سحنون بها، عرضها على ابن القاسم فأصلح فيها كثير، وأسقط، ثم رتّبها سحنون، وبوّبها، واحتجّ لكثيرٍ من مسائلها بالآثار، من مروياته، مع أنّ فيها أشياء لا ينهض دليلها، بل رأي محض.
قال سحنون: إذا أتى الرجل مجلس القاضي ثلاثة أيّام متوالية بلا حاجة، فينبغي أن لا تُقبل شهادته.
وسُئل: أيسع العالم أن يقول لا أدري فيما يدري؟ قال: أمّا ما فيه كتاب أو سنّة ثابتة فلا، وأمّا ما كان من هذا الرأي فإنّه يسعه ذلك لاَنّه لا يدري أمصيبٌ هو أم مخطىَ.
وعنه قال: كان بعض من مضى يريد أن يتكلم بالكلمة، ولو تكلّم بها لانتفع بها خلق كثير فيحبسها، ولا يتكلم بها مخافة المباهاة، وكان إذا أعجبه الصمت تكلّم، ويقول: أجرأ الناس على الفتيا، أقلُّهم علماً.