إنّ الشيعة الإمامية أدخلت العقل في دائرة كشف الحكم، حيث يُستكشف به الحكم الشرعي في مجالات خاصة كما يُستكشف بسائر الأدلّة من الكتاب و السنّة و الإجماع.
و ليس معنى ذلك إطلاق سراحه في جميع المجالات بحيث يُستغنى به عن الشرع، بل للعقل مجالات خاصة لا يصلح له الكشف إلّا فيها، و سيوافيك بيان تلك المجالات.
و يراد من حجّيّة العقل كونه كاشفاً لا مشرّعاً، فإنّ العقل حسب المعايير الّتي يقف عليها، يقطع بأنّ الحكم عند اللّه سبحانه هو ما أدركه، و أين هذا من التشريع أو من التحكُّم و التحتم على اللّه سبحانه، كما ربّما نسمعه من بعض الأشاعرة، حيث يزعمون أنّ القائلين بحجّية العقل في مجالات خاصة يُحكِّمون العقل على اللّه، و لكنّهم غفلوا عن الفرق بين الكشف و الحكم، فإنّ موقف العقل في هذه المسائل هو نفس موقفه في الإدراكات الكونية، فإذا حكم بأنّ زوايا المثلث تساوي مائة و ثمانين درجة، فمعناه: أنّه يكشف عن واقع محقّق و محتّم قبل حكم