responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مصادر الفقه الاِسلامي ومنابعه المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 23

للاِنسان أن يأخذ قسطه من كلّ منهما بقدر ما يصلحه.

لقد غالت المسيحية (الغابرة) بالاهتمام بالجانب الروحي للاِنسان حتى كادت أن تجعل كلّ مظهر من مظاهر الحياة المادية خطيئة كبرى، فدعت إلى الرهبانية و التعزب، وترك ملاذّ الحياة، والانعزال عن المجتمع، والعيش في الاَديرة وقلل الجبال والتسامح مع المعتدين.

كما غالت اليهودية في الانكباب على المادة حتى نسيت كلّ قيمة روحية، وجعلت الحصول على المادة بأي وسيلة كانت، المقصد الاَسنى، ودعت إلى القومية الغاشمة.

لكن الاِسلام أخذ ينظر إلى واقع الاِنسان بما هو كائن ذو بعدين، فبالبعد المادي لا يستغني عن المادة، وبالبعد الروحي لا يستغني عن الحياة الروحية، فأولاهما عنايته، فدعا إلى المادة والالتذاذ بها بشكل لا يوَثرها على حياته الروحية، كما دعا إلى الحياة الروحية بشكل لا يصادم فطرته وطبيعته؛ وهكذا فقد قرن بين عبادة اللّه وطلب الرزق وترفيه النفس، فندب إلى القيام بالليل وإقامة النوافل، وفي الوقت نفسه ندب إلى طلب المعاش وتوخّي اللّذة، قال سبحانه:

"وَالّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً" [1] وقال أيضاً: "قُلْمَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الّتي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ" . [2]

وقال علي أمير الموَمنين - عليه السّلام - : «للموَمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يروم فيها معاشه، وساعة يخلّي بينه وبين لذاتها». [3]


[1] الفرقان: 64.
[2] الاَعراف: 32.
[3] نهج البلاغة: باب الحكم، الحكمة 93.

اسم الکتاب : مصادر الفقه الاِسلامي ومنابعه المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست