اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 35
تفكّرهم عن قيد
التقليد ، وإليك شيئا من هذه الاجتهادات التي لا يرتضيها العقل ولا الوجدان الحرّ.
١. الغسل يشمل المسح
زعم الجصاص أنّ
آية الوضوء مجملة فلا بدّ من العمل بالاحتياط ، وهو الغسل المشتمل على المسح أيضا
، بخلاف المسح فإنّه خال عن الغسل ، ثمّ رفع إبهام الآية بادّعاء اتّفاق الجميع
على أنّه لو غسل فقد أدّى الفرض. [١]
يلاحظ
عليه : أوّلا : بأنّه كيف يرمي
الآية بالإجمال مع أنّها واضحة الدلالة ، لأنّها بصدد بيان ما هو الواجب على عامة
المصلّين عند القيام إلى الصلاة ، ومثل هذا يجب أن يكون مبيّن المراد ، غير محتمل
إلاّ لمعنى واحد ، وإنّما دعاه إلى القول بالإجمال الفرار عن ظاهر الآية الدالّ
على أنّ فريضة الأرجل هو المسح لا الغسل.
وثانيا : أنّ ما يقوله إنّ الغسل يشمل المسح دون العكس فإنّه خال
من الغسل ، غير صحيح ، لأنّ المراد من الغسل في المقام هو إسالة الماء على العضو ،
كما أنّ المراد من المسح فيها هو إمرار اليد على العضو بالبلل المتبقّي في اليد ، وعندئذ
يصبح الغسل والمسح فريضتين مختلفتين على نحو يغاير كلّ الآخر ، فلا الغسل يشتمل
على المسح ولا المسح على الغسل.
وثالثا : أنّ ادّعاء رفع إبهام الآية بأنّه إذا غسل فقد أدّى فرضه
باتّفاق الجميع مصادرة بالمطلوب ، إذ كيف يدّعي الاتفاق عليه مع أنّ القائلين
بالمسح بين الصحابة والتابعين كما سيوافيك أسماؤهم ، ليسوا بأقلّ من القائلين
بالغسل ، كما أنّ الإمامية وهم ربع المسلمين يرون بطلان الغسل ولزوم المسح فأين
اتّفاق الجميع على الغسل؟!