اسم الکتاب : الاَسماء الثلاثة (الاِله، الربّ، والعبادة) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 93
وقد طرح هذا السؤال الشيخ الصنعاني حيث قال : وقد سمى الله الدعاء عبادة بقوله : * ( أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) * ( غافر / 60 ) فمن هتف باسم نبي أو صالح بشئ فقد دعا النبي والصالح ، والدعاء عبادة بل مخها فقد عبد غير الله وصار مشركا . [1] الجواب : إن النقطة الحاسمة في الموضوع تكمن في تفسير الدعاء وهل أن كل دعاء عبادة والنسبة بينهما هي التساوي ؟ حتى يصح لنا أن نقول كل دعاء عبادة ، وكل عبادة دعاء ، أو أن الدعاء أعم من العبادة وأن قسما من الدعاء عبادة وقسما منه ليس كذلك ؟ والكتاب العزيز يوافق الثاني لا الأول ، وإليك التوضيح : لقد استعمل القرآن لفظ الدعاء في مواضع عديدة ولا يصح وضع لفظ العبادة مكانه ، يقول سبحانه حاكيا عن نوح : * ( رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ) * ( نوح / 5 ) وقال سبحانه حاكيا عن لسان إبليس في خطابه للمذنبين يوم القيامة : * ( و ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) * ( إبراهيم / 22 ) إلى غيرهما من الآيات التي ورد فيها لفظ الدعاء ، أفيصح القول بأن نوحا دعا قومه أي عبدهم ، أو أن الشيطان دعا المذنبين أي عبدهم ؟ كل ذلك يحفزنا إلى أن نقف في تفسير الدعاء وقفة تمعن حتى نميز الدعاء الذي هو عبادة عما ليس كذلك . والإمعان فيما تقدم في تفسير العبادة يميز بين القسمين فلو كان الداعي و المستعين بالغير معتقدا بألوهية المستعان ولو ألوهية صغيرة كان دعاؤه عبادة و لأجل ذلك كان دعاء عبدة الأصنام عبادة لاعتقادهم بألوهيتها ، قال سبحانه : * ( فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شئ ) *
[1] الصنعاني ، تنزيه الاعتقاد كما في كشف الارتياب : 284 .
اسم الکتاب : الاَسماء الثلاثة (الاِله، الربّ، والعبادة) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 93