responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأقسام في القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 182

خلقه واستقامة وجوده من صباه إلى شبابه إلى كماله فيتمتع بكمال الصورة وجمال الهيئة وشدة القوة، فلم يزل على تلك الحال حتى يواجه بالنزول أي رده إلى الهرم والشيخوخة والكهولة فتأخذ قواه الظاهرة والباطنة بالضعف، وتنكس خلقته، قال سبحانه: (وَمَنْنُعَمِّرهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ)[1] لكن هذا التفسير لا يناسبه الاستثناء الوارد بعده قال سبحانه: (إِلاّالّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون) أي غير مقطوع.

فلو كان المراد من الآية ما جرت عليه سنّة اللّه تعالى في خلق الاِنسان فهي سنّة عامة تعم الموَمن والكافر والصالح والطالح، مع أنّه يستثني الموَمن الصالح من تلك الضابطة.

فالاَولى تفسير الآيتين بالتقويم المعنوي، وردّه إلى أسفل سافلين هو انحطاطه إلى الشقاء والخسران بأن يقال: انّ التقويم جعل الشيء ذا قوام، وقوام الشيء ما يقوم به ويثبت، فالاِنسان بما هو إنسان صالح حسب الخلقة للعروج إلى الرفيق الاَعلى، والفوز بحياة خالدة عند ربه سعيدة لا شقوة فيها، قال سبحانه: (وَنَفْسٍ وَما سَوّاها * فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها)[2] فإذا آمن بما علم ومارس صالح الاَعمال رفعه اللّه إليه، كما قال: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ)[3]يس، وقال عزّاسمه: (يَرفَعِ اللّهُ الّذينَآمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجات)[4] ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ارتفاع مقام الاِنسان وارتقائه بالاِيمان والعمل الصالح مقاماً عالياً ذا عطاء من اللّه غير مجذوذ، وقد أشار في آخر


[1] يس:68.
[2] الشمس:7ـ 8.
[3] فاطر:10.
[4] المجادلة:11.
اسم الکتاب : الأقسام في القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست