responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 98

تحليل نظرية «ديكارت» في المعرفة

1. امتناع اجتماع النقيضين هو أساس المعرفة

قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ «ديكارت» جعل حجر الأساس ونقطة الانطلاق لليقين الفلسفي، الّذي أراد أن يخرج به عن إطار الشك المطلق ; «أنّه يفكر، فهو إذن موجود».

ولكن ديكارت غفل عن أنّ هذا الإذعان مسبوق بإذعان آخر، لولاه لما خرج به عن إطار الشك، وهو أنّه عندما يفكر هل يصحّ أن يصف نفسه بأنّه لا يفكر أو لا؟ على الأول، يهوي حجر الزاوية، ولا يجد مستقراً مكيناً، لزوال يقينه بأنّه يفكر.

وعلى الثاني، يجد في نفسه معرفة قطعية سابقة على ما توهمه أول المعارف، وهي امتناع أن يوصف شخص واحد، في آن واحد، بأنّه يفكر ولا يفكر. وهذا ما نسميه «امتناع اجتماع النقيضين»، الّذي يُطلق عليه «أم المعارف» و «أم القضايا».

قال صدر المتألهين: «أحقّ الأقاويل، ما كان صدقه دائماً. وأحق من ذلك، ما كان صدقه أوليّاً. وأول الأقاويل الحقّة الأوليّة، الّذي إنكاره مبنى كلِّ سفسطة، هو القول بأنّه لا واسطة بين الإيجاب والسلب، فإنّه إليه ينتهي جميع الأقوال عند التحليل، وإنكاره إنكار لجميع المقدمات والنتائج»[1].

2. معرفة النفس غنية عن الاستدلال

استدلّ ديكارت على وجوده بتفكيره، الّذي لا ينفك عن مفكّر. وغفل عن أنّ معرفة النفس غنية عن البرهنة والاستدلال، فإنّ كل إنسان يجد ذاته حاضرة لدى ذاته، ولو غاب كل شيء عنه لا تغيب ذاته عنه.

والّذي يوضح ذلك، أنّ المستدلّ أخذ التصديق بالنتيجة (أنا موجود) في مقدمة استدلاله، عندما قال: «أنا» أفكر. فترى أنّه يعترف بذاته ووجوده


[1] الأسفار: 1 / 89 ـ 90 .

اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست