responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 67

والجواب عن هذه الشبهة من وجهين:

أولاً ـ إنّ القائلين بمنهج اليقين لا يدّعون أنّ الإنسان خُلِقَ مصوناً عن الخطأ والسهو، وأنّ الحواس الإنسانية لا تحيد عن الحقيقة، بل كلُّ ذي لبٍّ يعترف بأنّ له أخطاءً جمّة ربما تحيط به وهو غافل عنها، بل ربما يقضي حياته على غفلات واشتباهات، وإنّما غرضهم أنّ وراء ذاتنا وتفكيرنا واقعيات وحقائق نصل إليها بالحواس، يرشدنا إلى ذلك الإمكان، نفس أفعالنا في الضروريات اليومية الّتي تصدر منّا على نظام واحد، فإنّ أبناء البشر يأكلون إذا جاعوا، ويشربون إذا ظمئوا،ويفرون من الضواري إذا واجهتهم. ولو كان ذلك من مواليد أوهامهم، فأي معنى لهذا النظام السائد؟. ولماذا لا يأكلون عند الظمأ ولا يفرون عند الجوع؟. كل ذلك يرشدنا إلى التفريق بين التفكير الّذي ليس وراءه واقع موضوعي، والتفكير الّذي وراءه ذلك الواقع.

فما يرومه الشكاك من إثبات الخطأ في بعض الحواس، لا ينفي ما يرومه المؤمن بالحقائق، القائل بأنّ وراء المعرفة الإنسانية حقائق وواقعيات يمكن أن يصل إليها الإنسان في الجملة.

وثانياً ـ إنَّ الاهتداء إلى وقوع الخطأ فيما ذكر من الأمثلة، دليل على أنّ هناك حقائق مسلّمة لا يشوبها ريبُ الشك، وقد اهتدينا ببركتها إلى وجود بعض الأخطاء.

ففي الأمثلة الّتي استدل بها الشكاك على منهجه دليل واضح على أنّ له علوماً قطعية يعتمد عليها في القضاء بالخطأ في إدراك القلم منكسراً في الماء، والقطرة النازلة من السماء خطأ ممتداً، وهو علمه بأنّ للقلم شكلاً ثابتاً في الماء وخارجه، وأنّه ليس في الهواء أيُّ خطٍّ، فيرجع ـ عند ذاك ـ إلى تخطئة ما يدركه الحسّ. فلو لم يكن هناك ما يتصف بالصحة على وجه الجزم، لما اهتدينا إلى وجود هذه الأخطاء، فإنّ الخطأ أمر نسبي وقياسي، فلا يمكن الحكم بكون النسبة غلطاً إلاّ بقياسها على أمر آخر يكون الحكم فيه مسلَّماً، ليحكم بالصحة عند التطابق، والخطأ عند التخالف. والغلط لا يستنتج من مثله، ولا يجوز الحكم ببطلان أمر إذا قيس بباطل آخر. هذا .

اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست