responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 337

ونضيف أخيراً: كما أنّ إجراء قوانين الطبيعة الصمّاء على الإنسان وإلزامه بأن يتّخذها أُسوةً وقدوةً له في حياته، أمرٌ باطل لا ينسجم مع طبيعة الإنسان; فهكذا إجراء حكم الإنسان على الطبيعة، وتصوير مجموع العالم بصورة إنسان كبير، ذي قلب ودماغ وكبد وسائر أعضاء الإنسان، كما ذهب إليه بعض قدماء الحكماء عند بيان أنّ العالَم إنسانٌ واحد، وله إلهٌ واحدٌ، فإنَّه تشبيهٌ محضٌ، وخَيالٌ صِرْف، ليس له أَيّةُ لمسة من الواقع والحقيقة. يقول الحكيم السَّبْزَواري:

إنّ السماءَ كلَّها أحياءُ * والشمسُ قَلْبٌ غيرُها الأَعضاءُ

وقال في شرحه: إنّ القلب الصنوبري في الإنسان الصغير، أشرف الأعضاء، وله الرئاسة، كذلك الشمس في الإنسان الكبير، سيد الكواكب، وله الرئاسة على كل الإجسام، وغيرها الأعضاء الأُخر للإنسان الكبير من الرئيسة والمرؤوسة [1].

وحصيلة البحث أنّ الأخلاق والقوانين الحاكمة على المجتمعات الصغيرة والكبيرة، الّتي عليها تكاملها، لا يمكن أن تمليها الطبيعة الصمّاء على الإنسان، بل يمليها عليه عقله وتجربته، فما كان مفيداً لحاله وحال مجتمعه، يقتبس منه، وما كان ضاراً له، يرفضه [2].

***

النظرية الثانية: تأثير الحكمة النظرية في العملية بنحو المقتضي

هذه النظرية هي النظرية المعتدلة بين من يعتقد بأنّ الحكمة العملية تستنتج من النظرية وأنّ وزان الثانية إلى الأُولى وزان العلة إلى المعلول، وبين من ينفي أيّة


[1] شرح المنظومة، لشارحها: 146. وذكر في هامشه تشبيهاً لكل من السيارات السبع بعضو من أعضاء بدن الإنسان، فلاحظ .
[2] أشرنا في أفصل شرائط المعرفة وموانعها إلى سقوط الماركسية فكراً وقانوناً وأخلاقاً، وما ذلك إلاّ لكونها مبنية على قوانين الطبيعة ـ الّتي زعموها ـ ومنافاتها للفطرة، وعدم صلاحيتها للإنسان. ومثلها ستكون عاقبة كلّ السياسات والمخططات الحزبية والقوانين الوضعية المأخوذة من الطبيعة ولا تلائم الإنسان.

اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 337
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست