responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 283

فلا محيص عن القول بأنّ ما في مقدّم الدماغ، مظاهر معدّة لمشاهدة النفس تلك الصور والأشباح في عالم المثال الأعظم، كما هو رأي شيخ الإشراق تبعاً للأقدمين من حكماء الفرس والرواقيين، أو أسباباً وآلات للنفس بها تفعل تلك الأفعال والآثار في عالم مثالها الأصغر، كما ذهبنا إليه .[1]

إجابة الماديين عن الإستدلال

اعترضوا على هذا الاستدلال، بما اثبتته الأبحاث العلمية الحديثة. وإليك حاصلها:

لقد أثبتت العلوم التشريحيّة أنّ النظام السائد على الجهاز البصري، هو نفس النظام السائد على آلة التصوير. فإنّ الأشعة المنعكسة من المرئي إلى العين تقع على عدستها، فتنكسر، وتمرّ بعدة طبقات حتّى تصطدم بالشبكية في مؤخر العين، فتنطبع صورة المرئي ـ مصغّرة ـ على الشبكية، ولكن بما للمرئي من نسب بين أجزائه الخارجية، ثم تنتقل الصورة ـ بتلك النسب ـ عبر الأعصاب إلى الدماغ، الّذي يقوم بتفسير تلك النسب ومقايستها، ثم يحكم بصغرها أو كبرها.

فالصغر والكبر ـ إذن ـ إنّما هما من الأحكام العقلية الّتي يقف عليها العقل بالمقايسة.

وأمّا ما هو مبدأ القياس في ذلك، فلعلّه بدنُ الإنسان المُدْرِك نفسُه، الّذي يمكنه الوقوف عليه عن طريق المسح باليد وغيره.

وعلى هذا الأساس، فما نجده من العظمة والإتّساع في الموجودات ليس منعكساً في جهاز الإبصار، ومحلّ الإدراك، حتّى يقال إنّه يمتنع انطباع الكبير في الصغير، بل حديث الكبر والصغر وليد الوهم والتفكير، بمقايسة أجزاء الصورة الذهنية بأجزاء بدنه الّذي وقف على حجمه بالملامسة المباشرة.


[1] الأسفار: 1 / 299 بتصرّف. وهو هنا يشير إلى المذهبين في الصور الذهنية فهناك قول بأنّ لهذه الصور وجود مستقل في عالم المثال تشاهدها النفس وهو رأي الإشراقيين. وهناك قول آخر وهو أنّ هذه الصور مخلوقة للنفس .

اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست