responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشفاعة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 24

والمالكية والرازقية، وتوفّي الأرواح والعلم بالغيب والإشفاء باللَّه سبحانه، كما عليه أكثر الآيات القرآنية، بينما تنسب هذه الأفعال في آيات أُخرى إلى غير اللَّه من عباده. فكيف ينسجم هذا الانحصار مع هذه النسبة؟ غير أن الملمّين بمعارف الكتاب العزيز يدركون أنّ هذه الأُمور على وجه الاستقلال والأصالة قائمة باللَّه سبحانه، مختصة به، في حين أنّ هذه الأُمور تصدر من الغير على وجه التبعية وفي ظل القدرة الإلهية.
وقد اجتمعت النسبتان في قوله تعالى: «وما رميت إذ رميت ولكنّ اللَّه رمى» (الأنفال/ 17). فهذه الآية عندما تنسب الرمي بصراحة إلى النبي الأعظم، تَسْلِبه عنه وتنسِبه إلى اللَّه سبحانه، ذلك لأنّ انتساب الفعل إلى اللَّه (الذي منه وجود العبد وقوّته وقدرته) أقوى بكثير من انتسابه إلى العبد، بحيث ينبغي أن يعتبر الفعلُ فعلًا للَّه، ولكن شدّة الانتساب لا تسلب المسؤولية عن العبد.
وعلى ذلك فإذا كانت الشفاعة عبارة عن سريان الفيض الإلهي (أعني: طهارة العباد عن الذنوب وتخلّصهم عن شوائب المعاصي) على عباده، فهي فعل مختصّ باللَّه سبحانه لا يقدر عليه أحد إلّابقدرته وإذنه.
وبذلك تصح نسبتُه إلى اللَّه سبحانه بالأصالة وإلى غيره بالتبيعة، ولا منافاة بين النسبتين، كالملكية، فاللَّه سبحانه مالك الملك والملكوت، ملك السماوات والأرض بإيجاده وإبداعه، ثم يملكه العبد منه بإذنه ولا منافاة في ذلك، لأنّ الملكية الثانية على مدى الملكية الأُولى‌. ونظيرها كتابة أعمال العباد، فالكاتب هو اللَّه سبحانه، حيث يقول: «واللَّه يكتب‌


اسم الکتاب : الشفاعة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست