أطيب ما أكل الرجل من كسبه» ويدلّ على ذلك الحديث الآخر : «وإذا مات العبد انقطع عمله إلاّ من ثلاث . .» .
وقال الشيخ الفقي : «هذا جواب يحتاج إلى إتمام; فإنّ العبد بإيمانه وطاعته لله ورسوله قد سعى في انتفاعه بعمل إخوانه المؤمنين مع عمله ، كما ينتفع بعملهم في الحياة مع عمله; فإنّ المؤمنين ينتفع بعضهم بعمل بعض في الأعمال التي يشتركون فيها ، كالصلاة في جماعة; فإنّ كلّ واحد منهم تضاعف صلاته إلى سبع وعشرين ضعفاً لمشاركة غيره له في الصلاة ، فعمل غيره كان سبباً لزيادة أجره ، كما أنّ عمله كان سبباً لزيادة أجر الآخر .
أضف إلى ذلك أنّ القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره ، وإنّما نفى ملكه لغير سعيه ، وبين الأمرين فرق كبير ، فأخبر تعالى أنّه لا يملك إلاّ سعيه ، فإن شاء أن يبذله لغيره ، وإن شاء أن يبقيه لنفسه ، فهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلاّ بما سعى[1] .
الوجه الثالث :
إنّ الآية بصدد بيان أنّ عمل كل إنسان راجع إليه دون غيره ، وأين هذا من عدم انتفاع
الإنسان بعمل الغير؟ فإنّه غير داخل في منطوق الآية ولا في مفهومها ، ولا الآية ناظرة إلى نفيه .
وإن شئت قلت : إنّ الآية بصدد بيان أنّ كلّ إنسان رهن عمله ، فإن عمل شراً فلا يتحمّله غيره ( ولا تَزرُ وازرةٌ وِزرَ أُخرى )[2] ، وإن عمل خيراً فيسعد به ويرى عمله وسعيه فـ«الناس مجزيّون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر» و ( مَنْ عَملَ صالحاً فلنفسِهِ ومَنْ أساءَ فَعَلَيها )[3] ، ( فَمَنْ يَعملْ مِثقالَ ذرَّة خيراً