3 ـثمّ يُميتُكم : بالانتقال من الدنيا إلى صوب الآخرة .
4 ـ ثم يُحييكُم : يوم البعث للحساب والجزاء .
وبما أنّ موقف الآيتين مختلف هدفاً وغاية ، اختلف السياقان ، فصارت احداهما تلمح بالحياة المتوسطة بين الدنيا والآخرة (البرزخ) دون الأُخرى ، ولا ملزم لتطبيق إحداهما على الأُخرى بعد اختلافهما في الموضوع والغاية .
تلك عشر كاملة تورث اليقين ، باستمرار الحياة بعد الانتقال من الدنيا ، ولا ينكر دلالتها إلاّ الجاحد ، وليس ما يدل من الآيات على بقائها بعد الموت منحصراً في هذه الآيات العشر ، بل هناك مجموعة من الآيات تصلح للاستدلال على المقصود ، مثل : ( وكذلكَ جَعلناكُمْ أُمّةً وَسطاً لتكُونُوا شُهَداء على النّاسِ ويكونَ الرسولُ عليكُمْ شَهيداً )[1] ، وقوله سبحانه : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّة بِشَهِيد وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدَاً )[2] لكنّا نقتصر عليها روماً للاختصار .
وأمّا الاستدلال بالسنّة الشريفة على أنّ الموت ليس بمعنى فناء الإنسان برأسه ، وإنّما هو الانتقال من دار إلى دار ، فسيوافيك قسم من الروايات في المبحث التالي المتكفّل لبيان وجود الصلة بين أهل الدنيا والنازلين في البرزخ ، بحيث يسمعون كلامهم ويجيبون دعاءهم وإن كنّا
نحن غير سامعين ولا فاهمين .
ولا عجب في أن يكون هناك رنين أو صراخ وكنّا بمعزل عن السمع والفهم ، قال سبحانه : ( وإنْ مِنْ شَيء إلاّ يُسبِّحُ بِحمِدِهِ ولكنْ لا تَفقَهونَ تَسبيحَهُمْ إنّهُ كانَ حَليماً غَفوراً )[3].
[1] البقرة : 142 . [2] النساء : 41 ، فلو قلنا : بأن موت النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عبارة عن فنائِه المطلق ، فما معنى كونه شهيداً على أُمّته في تمام الأجيال؟ . [3] الإسراء : 44 .