اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 75
وإذا كانوا يقولون ـ وذاك هو العجيب ـ إنّ الخروج على الإمام عليّـ عليه السلام _ غير مضرّ بعدالة الخارجين والثائرين عليه ، وفي مقدّمتهم طلحة والزبير وأُمّ المؤمنين عائشة ، وإنّ إثارة الفتن في صفّين ـ التي انتهت إلى قتل كثير من الصحابة والتابعين ، وإراقة دماء الآلاف من العراقيين والشاميين ـ لا تنقص شيئاً من ورع المحاربين ، وهم بعد ذلك مجتهدون معذورون لهم ثواب من اجتهد وأخطأ ، فلم لا يتعامل مع الشيعة ضمن هذا الفهم ، ويذهب إلى أنّهم معذورون ومثابون!!
نعم كانت التقية بين الشيعة تزداد تارة وتتضاءل أُخرى ، حسب قوّة الضغط وضآلته ، فشتّان ما بين عصر المأمون الذي يجيز مادحي أهل البيت ، ويكرم العلويين ، وبين عصر المتوكّل الذي يقطع لسان ذاكرهم بفضيلة .
فهذا ابن السكّيت أحد أعلام الأدب في زمن المتوكّل ، وقد اختاره معلّماً لولديه فسأله يوماً : أيّهما أحبُّ إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ قال ابن السكّيت : والله إنّ قنبر خادم عليّـ عليه السلام _ خير منك ومن ابنيك . فقال المتوكل : سلّوا لسانه من قفاه ، ففعلوا ذلك به فمات . وذلك في ليلة الاثنين لخمس خلون من رجب سنة أربع وأربعين ومائتين ، وقيل ثلاث وأربعين ، وكان عمره ثمانياً وخمسين سنة . ولمّا مات سيَّـر المتوكل لولده يوسف عشرة آلاف درهم وقال : هذه دية والدك!![1] .
وهذا ابن الرومي الشاعر العبقري يقول في قصيدته التي يرثي بها يحيى بن عمر ابن الحسين بن زيد بن علي :
أكلّ أوان للنبيّ محمّد * قتيل زكيّ بالدماء مضرّجُ
بني المصطفى كم يأكل الناس شلوكم * لبلواكم عمّا قليل مفرِّجُ
[1] ابن خلّكان : وفيات الأعيان 3 : 33 ، الذهبي : سير أعلام النبلاء 12 : 16 .
اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 75