اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 71
اتّقاء المسلم من المسلم فى ظروف خاصّة
إنّ مورد الآيات وإن كان هو اتّقاء المسلم من الكافر ، ولكن المورد ليس بمخصّص لحكم الآية فقط ، إذ ليس الغرض من تشريع التقيّة عند الابتلاء بالكفّار إلاّ صيانة النفس والنفيس من الشرّ ، فإذ ابتُلي المسلم بأخيه المسلم الذي يخالفه في بعض الفروع ولا يتردّد الطرف القوي عن إيذاء الطرف الآخر ، كأن ينكّل به أو ينهب أمواله أو يقتله ، ففي تلك الظروف الحرجة يحكم العقل السليم بصيانة النفس والنفيس عن طريق كتمان العقيدة واستعمال التقية ، ولو كان هناك وزر إنّما يتوجّه على من يُتّقى منه لا على المتّقي ، فلو سادت الحرّية جميع الفرق الإسلامية ، وتحمّلت كلّ فرقة آراء الفرقة الأُخرى بصدر رحب ، وفهمت بأنّ ذلك هو قدر اجتهادها ، لم يضطرّ أحد من المسلمين إلى استخدام التقيّة ، ولساد الوئام مكان النزاع .
وقد فهم ذلك لفيف من العلماء وصرّحوا به ، وإليك نصوص بعضهم :
1 ـ يقول الإمام الرازي في تفسير قوله سبحانه : (إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة)ظاهر الآية على أنّ التقية إنّما تحلّ مع الكفّار الغالبين ، إلاّ أنّ مذهب الشافعي ـ رضي الله عنه ـ : أنّ الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والكافرين حلّت التقيّة محاماة عن النفس .
وقال : التقيّة جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقولهـ صلى الله عليه وآله وسلم _ : «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» وقولهـ صلى الله عليه وآله وسلم _ : «من قتل دون ماله فهو شهيد»[1] .
2 ـ ينقل جمال الدين القاسمي عن الإمام مرتضى اليماني في كتابه «إيثار الحقّ