اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 51
آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْآتَيْنا آلَ إبْراهيمَ الكِتابَوالحِكْمَةَوآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظيماً)[1].
فالإمامة التي أنعم بها الله سبحانه على الخليل وبعض ذرّيته هي الملك العظيم الوارد في هذه الآية . وعلينا الفحص عن المراد بالملك العظيم; إذ عند ذلك يتّضح أنّ مقام الإمامة يلي النبوّة والرسالة ، وإنّما هو قيادة حكيمة ، وحكومة إلهيّة ، يبلغ المجتمع بها إلى السعادة ، والله سبحانه يوضّح حقيقة هذا الملك في الآيات التالية :
1 ـ يقول سبحانه ـ حاكياً قول يوسفـ عليه السلام _ ـ : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأويلِ الأحاديثِ)[2] ومن المعلوم أنّ الملك الذي منّ به سبحانه على عبده يوسف ليس هو النبوّة، بل الحاكمية; حيث صار أميناً مكيناً في الأرض; لقوله: «وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأويلِ الأحاديثِ» إشارة إلى نبوّته ، والملك إشارة إلى سلطته وقدرته .
2 ـ ويقول سبحانه في داودـ عليه السلام _ : (وَآتاهُ الله المُلْكَ وَالحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ)[3] ويقول سبحانه : (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الخِطَابِ)[4] .
3 ـ ويحكي الله تعالى عن سليمانـ عليه السلام _ أنّه قال : (وَهَبْ لِي مُلْكَاً لا يَنْبَغِي لأِحَد مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أنْتَ الوَهَّابُ)[5] .
والتأمّل في هذه الآيات الكريمة يفسّر لنا حقيقة الإمامة باعتبار الملاحظات التالية :
أ ـ إنّ إبراهيم طلب الإمامة لذرّيته وقد أجاب سبحانه دعوته في بعضهم .
ب ـ إنّ مجموعة من ذرّيته ، كيوسف وداود وسليمان ، نالوا ـ وراء النبوّة والرسالة ـ منصب الحكومة والقيادة .