اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 208
ولكنّ القرآن يردّ عليهم ويقول : (تِلكَ أمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرهانَكُمْ إنْ كُنتُمْ صادِقينَ * بَلى مَنْ أسلَمَ وَجهَهُ للهِ وهوَ مُحسنٌ فَلهُ أجرُهُ عندَ ربِّهِ ولا خوفٌ عَلَيهم ولا هُمْ يحزَنُون )[1] فإنّ قوله سبحانه : (بَلى مَنْ أسلَمَ) يعني الإيمان الخالص وقوله : (وهوَ مُحسنٌ) يعني العمل وفق ذلك الإيمان ، وكلتا الجملتين تدلاّن على أنّ السبيل الوحيد إلى النجاة يوم القيامة هو الإيمان والعمل لا الانتساب إلى اليهودية والنصرانية ، فليست المسألة مسألة أسماء ، وإنّما هي مسألة إيمان صادق وعمل صالح .
3 ـ الهداية في اعتناق اليهودية والنصرانية!
وهذا الزعم غير الزعم الثاني ، ففي الثاني كانوا يقتصرون في النجاة بالانتماء إلى الأسماء ، وفي الأخير يتصوّرون أنّ الهداية الحقيقية تنحصر في الاعتناق باليهودية والنصرانية (وقالُوا كونُوا هُوداً أو نَصارى تَهتَدوا )[2] والقرآن الكريم يردّ هذه الفكرة كما سبق ، ويقول إنّ الهداية الحقيقية تنحصر في الاقتداء بملّة إبراهيم واعتناق مذهبه في التّوحيد الخالص الذي أمر الأنبياء بإشاعته بين أُممهم ، قال سبحانه : (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إبراهيمَ حَنيفاً وما كانَ مِنَ المُشركين )[3] وفي آية أُخرى (ما كانَ إبراهيمُ يَهوديّاً ولا نَصرانيّاً ولكنْ كانَ حَنيفاً مُسلماً وما كانَ مِنَ المُشركين )[4] .
نستخلص من كلّ هذه الآيات أنّ اليهودَ والمسيحيّين وبخاصة القدامى منهم كانوا يحاولون ـ بهذه الأفكار الواهية ـ التفوّق على البشر ، والتمرّد على تعاليم الله ،