وإذا دار الأمر بين كون القرآن أو النبيّـ صلى الله عليه وآله وسلم _ أُسوة ، أو الكلمة المأثورة عن الحسن البصري ، فالأوّل هو المتعيّـن ، ويضرب بالثاني عرض الجدار .
الردّة بعد وفاة الرسول_ صلى الله عليه وآله _
بقيت هنا كلمة وهي : إذا كان موقف الشيعة وأئمّتهم من الصحابة ما ذكر آنفاً ، فما معنى ما رواه أبو عمرو الكشّي من أنّه ارتدّ الناس بعد رسول اللهـ صلى الله عليه وآله وسلم _ إلاّ ثلاثة؟ إذ لو صحّ ما ذكر ، وجب الالتزام بأنّ النبيّ الأكرمـ صلى الله عليه وآله وسلم _ لم ينجح في دعوته ، ولم يتخرّج من مدرسته إلاّ قلائل لا يعتدّ بهم في مقابل ما ضحّى به من النفس والنفيس .
والإجابة على هذا السؤال واضحة لمن تفحّص عنها سنداً ومتناً; فإنّ ما رواه لا يتجاوز السبع روايات; وهي بين ضعيف لا يعوّل عليه ، وموثّق ـ حسب اصطلاح علماء الإمامية في تصنيف الأحاديث ـ وصحيح قابلين للتأويل ، ولا يدلاّن على الارتداد عن الدين ، والخروج عن الإسلام بل يرميان إلى أمر آخر .
أمّا الضعيف فهو ما رواه الكشّي عن حمدويه وإبراهيم ابني نصير قال : حدّثنا محمّد بن عثمان ، عن حنّان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفرـ عليه السلام _ قال : «كان الناس أهل الردّة بعد النبيّـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلاّ ثلاثة . . .»[2] .
وكفى في ضعفها وجود محمّد بن عثمان في سندها; وهو من المجاهيل .
ما رواه أيضاً عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر
[1] صحيح البخاري 5 : 118 ـ 119 في تفسير سورة النور .
[2] رجال الكشي : 12 / 1 .
اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 178