هذه الأصناف إذا انضمّت إلى الأصناف المتقدّمة ، فإنّها تعرب عن أنّ صحابة النبيّ الأكرمـ صلى الله عليه وآله وسلم _ لم يكونوا على نمط واحد ، بل كانوا مختلفين من حيث قوّة الإيمان وضعفه ، والقيام بالوظائف والتخلّي عنها ، فيجب إخضاعهم لميزان العدالة الذي توزن به أفعال جميع الناس ، وعندئذ يتحقّق أنّ الصحبة لا تعطي لصاحبها منقبة إلاّ إذا كان أهلا لها ، وتوضّح بجلاء أنّ محاولة المساواة في الفضل بين جميع الصحابة أمر فيه مجافاة صريحة للحقّ وكلمة الصدق ، وهذا ما ذهبت إليه الشيعة ، وهو نفس النتيجة التي يخرج بها الإنسان المتدبّر للقرآن الكريم .
2 ـ إنّ الآيات التي تناولت المهاجرين والأنصار وغيرهم بالمدح والثناء ، لا تدلّ على أكثر من أنّهم كانوا حين نزول القرآن مُثلا للفضل والفضيلة ، ولكن الأُمور إنّما تعتبر بخواتيمها ، فيحكم عليهم ـ بعد نزول الآيات ـ بالصلاح والفلاح إذا بقوا على ما كانوا عليه من الصفات ، وأمّا لو ثبت عن طريق السنّة أو التاريخ الصحيح أنّه صدر عن بعضهم ما لا تحمد عاقبته ، فحينئذ لا مندوحة لنا إلاّ الحكم بذلك ، ولا يعد مثل ذلك معارضاً للقرآن الكريم; لأنّه ناظر إلى أحوالهم في ظروف خاصّة ، لا في جميع فصول حياتهم ، فليس علينا رفع اليد عن السنّة والتاريخ الصحيح بحجّة أنّ القرآن الكريم مدحهم ، وأنّ الله تعالى كان في وقت مّا راضياً