اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 106
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله مِنَ الصَّابِرِينَ)[1] .
أخبر إبراهيمـ عليه السلام _ ولده إسماعيلـ عليه السلام _ بأنّه رأى في المنام أنّه يذبحه ، ورؤيا الأنبياء (كما ورد في الحديث) من أقسام الوحي ، فكانت رؤياه صادقة حاكية عن حقيقة ثابتة ، وهي أمر الله إبراهيم بذبح ولده ، وقد تحقّق ذلك الأمر ، أي أمر الله سبحانه به .
ولكن قوله : (إِنِّـي أَرى فِي المَنَامِ أَنِّـي أَذبَحُكَ) يكشف عن أمرين :
أوّلا : الأمر بذبح الولد أمر تشريعي كما عرفت وقد تحقّق .
ثانياً : الحكاية عن تحقّق ذلك في الواقع الخارجي وأنّ إبراهيم سيمتثل ذلك ، والحال أنّه لم يتحقّق لفقدان شرطه وهو عدم النسخ ، ويحكي عن كلا الأمرين قوله : (وفَدَيناهُ بِذَبْح عظيم) .
وعندئذيطرح هذاالسؤال نفسه:بأنّه كيف أخبر خليل الرحمن بشيءمن الملاحم والمغيبات ، ثمّ لم يتحقّق؟ والجواب عن هذا السؤال يكمن في الأمر الذي أشرنا إليه سابقاً وهو أنّ إبراهيمـ عليه السلام _ وقف على المقتضى فأخبر بالمقتضي ، ولكنّه لم يقف على ما هو العلّة التامّة ، وليس لعلمه هذا مصدر سوى اتّصاله بلوح المحو والإثبات .
2 ـ وأمّا يونسـ عليه السلام _ فإنّه أنذر قومه بأنّهم إن لم يؤمنوا فسوف يصيبهم العذاب إلى ثلاثة أيام[2] وما كان قوله تخرّص أو تخويف ، بل كان يخبر عن حقيقة يعلم بها ، إلاّ أنّ هذا الأمر لم يقع كما هو معروف ، وفي هذا إشارة واضحة إلى أنّهـ عليه السلام ـ وقف على المقتضي ولم يقف على المانع ، وهو أنّ القوم سيتوبون عند رؤية العذاب توبة صادقة يعلمها الله تعالى ترفع عنهم العذاب الذي وعدوا به ، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه : (فَلَوْلا كَانَت قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ
[1] الصافات : 101 ـ 102 .
[2] الطبرسي ، مجمع البيان 3 : 135 .
اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 106