وقد ألّف غير واحد من أعلام الفريقين كتباً في اسناد الحديث وتواتره وإنّما
المهم هو تبيين دلالة الحديث على الاِمامة الكبرى.
دلالة الحديث على الولاية الكبرى:
إنّ لفظة «مولى» في كلام النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه» بمعنى
«أولى» كما في قوله سبحانه:
(فَاليومَ لا يُوَْخَذُ مِنْكُمْ فِديَةٌ ولا مِنَ الَّذينَ كَفَرُوا
مَأْواكُمُ النّارُ هيَ مَولاكُمْ وبِئْسَ المَصِيرُ ) [2]
وقد فسّـر المفسّـرون قوله:
(هي مولاكم) بقولهم هي أولى لكم، وهناك
قرائن حالية ومقالية على أنّ المراد من ذلك اللفظ هي الولاية.
أمّا القرائن الحالية فهي أنّ النبي أمر بحبس المتقدم في السير ومنع التالي في
محل ليس صالحاً للنزول، غير أنّ الوحي حبسه هناك والناس قد أنهكتهم وعثاء
السفر وحرّ الهجير وحراجة الموقف حتى أنّ أحدهم ليضع طرفاً من ردائه تحت
قدميه فعند ذاك رقى رسول اللّه منبر الاَهداج.
فهل يصحّ أن يراد من المولى في هذا الموقف الحرج غير إبلاغ الولاية
لعليّ وانّه هو المتصرّف والآخذ بالزمام بعده، وإلاّ فلو أغمض على هذا المعنى
[1] راجع في الوقوف على مصادر هذا البحث الكتاب القيم «الغدير» الجزء الاَوّل. [2] الحديد: 15.