responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 597

السلة والذلة وهيهات منّا الذلة، يأبى اللّه لنا ذلك ورسوله والموَمنون وحجور طابت وطهرت وانوف حمية وجباه أبية...».

والسر في ذلك يعرضه مرة أُخرى «جون» مولى أبي ذر الغفاري حين أشار عليه الحسين بن علي أن ينتحى عن المشاركة في قتال «عاشوراء» فيجيبه جون: لا واللّه... أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم؟! واللّه لا أُفارقكم حتى يختلط هذا الدم الاَسود مع دمائكم... فأذن له الحسين حتى استشهد بعد أن قتل خمسة وعشرين رجلاً.

هو ـ اذن ـ درس في امتحان الصحابة وفرزهم عن جموع الموظفين الذين يتزاحمون ساعة الطمع ويفرون ساعة الفزع...والقائد هنا لا يكذب على أتباعه بالشعارات ولا يصفهم في طوابير بالحديد والنار ليقاتلوا دونه، ولكنّه يصارحهم بالحرية في البيعة والوضوح في القصد، فالبطولة ليست بهلواناً والمعركة ليست قتالاً مجرداً من العقيدة والرسالة والاِرادة.

وهو درس للذين يتسابقون بدافع القوة من قوة الآخر وهيمنته وجبروته للسجود بين يديه، والاضمحلال فيه لخدمة مصالحه، واستناد إلى الواقع بمنطقه المعكوس لتبرير هذا الانجرار، هوَلاء لم يسمعوا «حنظلة الشبامي» [كذا] وهو ينادي على الحسين: «صدقت يا ابن رسول اللّه أفلا نروح إلى الآخرة...»، ولم يصغوا للشيخ الطاعن في السن «أنس الكاهلي» الذي رأى النبي وسمع حديثه وشهد معه بدراً وحنيناً وقد برز رافعاً حاجبيه بالعصابة ومقاتلاً دون الحسين حتى استشهد.

لم تكن قلة العدد ـ اذن ـ معياراً للهزيمة أو الانكسار، ولم يكن الانكسار موَشراً لاندحار الحقّ وغلبة الباطل... ولم تكن الهزيمة والغلبة مدعاة للرضوخ والاستسلام، وما كان الصادقون ـ آنذاك ـ قصراً عن تبرير الواقع وتسويغه

اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 597
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست