responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 578

بقلم عريض على تلك النزعات المقيتة، وقال: (يا أَيُّها النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ) [1]

والعجب انّ هذه الآية إلى جانب اعترافها بجميع القوميات حيث تقول: (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ). تعود و تفسر فلسفة هذه القوميات بقولها (لتعارفوا) أي خلقناكم أقواماً وطوائف مختلفة للتعارف لا للتفاخر، للاَُلفة لا للتناحر، للتعاون لا للتفرق، للخير لا للشر، وحصرت ملاك الفخر في التقوى وقالت: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ) .

هذه الآية المباركة وإن تكلّم فيها المفسرون قديماً وحديثاً ولكنّهم لم يركِّزوا على تلك النكتة التي صرحت بها، وهي انّ الاِسلام لا ينكر القومية بل يعترف بها ويراها من شوَون الخلقة التي تعلقت بها يد الجعل والقدرة وقال: (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقبائِلَ) ولكنّه يتخذ القومية المعترفة ذريعة للفضائل، وهي التعارف والتجاذب والتعاون، لا ذريعة للتفاخر والتنازع.

إنّ نبيّ الاِسلام صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يقتصر على هذه الآية بل أعقبها بكلمه الطيب وحدّد موقفه من القومية وانّها ليست ملاكاً للافتخار وقال في بعض خطبه التاريخية: أيّها النّاس، إنّ ربّكم واحدٌ، وإنّ أباكم واحدٌ، كلّكم لآدم وآدم من تراب (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ) وليس لعربيّ على أعجميّ فضل إلاّ بالتّقوى.[2]

وقال في خطبة حجة الوداع: أيّها الناسُ انّ ربكُم واحد، وأباكُم واحد، ليسَ لعربيّ على أعجمي، ولا لاَعجمي على عربيّ، ولا لاَحمر على أبيض، ولا لاَبيض على أحمر ، فضل إلاّ بالتقوى.[3]

وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: إنّ العربية ليست بأبٍ والد ولكنّها لسان ناطق، فمن


[1] الحجرات: 13.
[2] تحف العقول: 34.
[3] سيرة ابن هشام: 2|412.

اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 578
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست