responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 563

د: الاِرادة التكوينية تسلب الاختيار

هذا هو السبب المهم لما ذهب إليه الاَُستاذ من أنّ الاِرادة في الآية تشريعية لا تكوينية، و ذلك لاَنّ الاِرادة التكوينية تسلب الاختيار و بالتالي لا تصبح العصمة فخراً، لاَنّالاِنسان مع هذه الاِرادة يصبح بلا اختيار.

يلاحظ على هذا الكلام: انّالقول بالعصمة لو كان سالباًللاختيار فالاِشكال يسري إلى جميع الاَنبياء والمرسلين و على رأسهم سيد المرسلين فانّهم معصومون من الخطأ في إبلاغ الاَحكام و من العصيان في تطبيق الشريعة على الساحة باتفاق الاَُمة إلاّ من شذ ممن لا يعبأ به فلو كانت العصمة سالبة للاختيار فما قيمة عصمتهم و ما قيمة اجتنابهم عن المعاصي.

و هذا الاِشكال ليس جديداً و إنّما هو مطروح في الموسوعات الكلامية والكتب التفسيرية و قد قام المحقّقون من علماء الاِسلام بالاِجابة عنه و قالوا:

إنّ العصمة لا تسلب الاختيار عن الانسان، فانّ المعصوم قادر على اقتراف المعاصي و ارتكاب الخطايا حسب ما أُعطي من القدرة و الحرية غير انّ وصوله إلى الدرجة العليا من التقوى واستشعاره بعظمة الخالق يصدّه عن اقترافها.

وإن شئت قلت: إنّ المعصوم قد بلغ في العلم بآثار المعاصي مرحلة يشاهد آثارها السيئة مشاهدة حضورية لا يتسرب إليها الشك و الترديد ـ يقول سبحانه:

(كلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ * لتَرَوُنَّ الجَحِيم) [1]

و مثل هذا العلم يصدّ الاِنسان عن ارتكاب المعاصي، و لاَجل تقريب الفكرة نأتي بالمثال التالي:

إنّ الوالد العطوف بالنسبة إلى قتل ولده معصوم لا يقدم عليه، و مع ذلك هو


1 . التكاثر : 5 ـ 6 .

اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 563
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست