هذا هو السبب المهم لما ذهب إليه الاَُستاذ من أنّ الاِرادة في الآية تشريعية
لا تكوينية، و ذلك لاَنّ الاِرادة التكوينية تسلب الاختيار و بالتالي لا تصبح العصمة
فخراً، لاَنّالاِنسان مع هذه الاِرادة يصبح بلا اختيار.
يلاحظ على هذا الكلام: انّالقول بالعصمة لو كان سالباًللاختيار فالاِشكال
يسري إلى جميع الاَنبياء والمرسلين و على رأسهم سيد المرسلين فانّهم
معصومون من الخطأ في إبلاغ الاَحكام و من العصيان في تطبيق الشريعة على
الساحة باتفاق الاَُمة إلاّ من شذ ممن لا يعبأ به فلو كانت العصمة سالبة للاختيار فما
قيمة عصمتهم و ما قيمة اجتنابهم عن المعاصي.
و هذا الاِشكال ليس جديداً و إنّما هو مطروح في الموسوعات الكلامية
والكتب التفسيرية و قد قام المحقّقون من علماء الاِسلام بالاِجابة عنه و قالوا:
إنّ العصمة لا تسلب الاختيار عن الانسان، فانّ المعصوم قادر على اقتراف
المعاصي و ارتكاب الخطايا حسب ما أُعطي من القدرة و الحرية غير انّ وصوله
إلى الدرجة العليا من التقوى واستشعاره بعظمة الخالق يصدّه عن اقترافها.
وإن شئت قلت: إنّ المعصوم قد بلغ في العلم بآثار المعاصي مرحلة يشاهد
آثارها السيئة مشاهدة حضورية لا يتسرب إليها الشك و الترديد ـ يقول سبحانه: