التقية من المفاهيم القرآنية التي وردت في أكثر من موضع في القرآن
الكريم، والغاية منها هي صيانة النفس والعرض والمال، وذلك في البيئات التي
صودرت فيها الحريات في القول والعمل، والرأي والعقيدة، فلا ينجو المخالف إلاّ
بالصمت والسكوت، مرغماً أو بالتظاهر بما يوافق هوى السلطة وأفكارها.
إنّ التقية سلاح الضعيف وكهف الخائف أمام القوي الغاشم، سلاح من
يبتلى بمن لا يحترم دمه وعرضه وماله، لا لشيء إلاّ لاَنّه لا يتفق معه في بعض
الاَفكار والمبادىَ.
وهذا شيء يستسيغه العقل كما ورد في الشرع، قال سبحانه: (مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ
مِن بَعْدِ إيمانِهِ إلاّ مَنْ أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالاِيمانِ)[1]
ولا تختصّ بتقية المسلم من المشرك والكافر بل تعمّ تقية المسلم من
المسلم الجائر أيضاً.
قال الرازي: إنّ مذهب الشافعي (رض): إنّ الحالة بين المسلمين إذا شاكلت
الحالة بين المسلمين والكافرين حلّت التقية محاماة عن النفس، وقال: التقية جائزة
لصون النفس، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقوله
صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : حرمة مال المسلم كحرمة دمه، وقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من قتل دون ماله فهو
شهيد[3].