قد عرفت أنّ القرآن والسنّة، وأحاديث العترة الطاهرة هي المنطلق الحقيقي
لنشوء علم الكلام وأنّ المسلمين بطوائفهم المختلفة كانوا يصدرون عنها، نعم كان
للّقاء الحضاري والاحتكاك الثقافي دور هام في تكامل علم الكلام وكثرة مسائله،
فالكتاب والسنّة كانا مرجعين للاهتداء إلى موقف الاِسلام فيها، واللّقاء الحضاري
كان سبباً لطرح المسائل في الاَوساط، وانتقال الاَذهان إليها، وعلى كل حال أصبح
الاَمران سبباً لنشوء علم الكلام ونضوجه بين المسلمين على نزعاتهم المختلفة.
إنّ كتّاب الملل والنحل يصرّون على أنّ الاختلاف في الاِمامة كان أوّل
اختلاف ديني وأعظم خلاف بين الا َُمّة.
يقول الاِمام أبو الحسن الاَشعري: أوّل ما حدث من الاختلاف بين
المسلمين بعد وفاة نبيّهم اختلافهم في الاِمامة [1]
ويقول الشهرستاني: إنّ الاختلاف في الاِمامة أعظم خلاف بين الا َُمّة، إذ ما
سلّ سيف في الاِسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الاِمامة في كل زمان [2]
[1] مقالات الاسلاميين واختلاف المصلّين: 1|34، نشر محيي الدين عبد الحميد. [2] الملل والنحل: 1|24.