إنّ دراسة مواقف أهل الكتاب (أي اليهود والنصارى) في ضوء الكتاب العزيز
يكشف عن أنّهم غالوا في إطاعة أحبارهم ورهبانهم حيث أعطوهم حقّ
التحليل والتحريم وأطاعوهم في ذلك وهو من شوَونه وأفعاله سبحانه لا غير
واعتقدوا بربوبيتهم ولو في هذا القسم الخاصّ، وهو الربوبيّة في التشريع.
روى الثعلبيُّ وهو من كبار علماء الحديث والتفسير في القرن الخامس في
تفسيره بإسناده عن عديّ بن حاتم، قال: أتيتُ رسولَ اللّه وفي عُنُقي صليب من
ذهب فقال لي: يا عُديّ إطرحْ هذا الوثن من عنقك.
قال: فطرحته ثمّ انتهيت إليه وهو يقرأ من سورة البراءة هذه الآية: (اتّخذُوا
أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً) حتّى فرغ منها ، فقلت له: إنّا لسنا نَعْبُدُهم.
قال: «أوَليس يُحرّمون ما أحلّ اللّه فتحرّمونه ويحلون ما حرّم اللّه