إنّي لُاحبّك، فقال له: «ولكنّي أبغضك، قال: ولم؟ قال: لأنّك تبغي في الأذان كسباً، وتأخذ على تعليم القرآن أجراً» [1]). وإلى أنّ الأذان عمل يعود نفعه إلى الأجير، فلو أخذ الاجرة عليه ففيه جمع بين العوض والمعوّض عنه؛ ضرورة كون المؤذّن أحد المخاطبين [2]).
ولا فرق في ذلك بين أخذ الاجرة من بيت المال أو من غيره. وقيّد بعضهم الحرمة بما لو أخذها من غير بيت المال فقط [3]، كما يظهر ذلك أو يلوح من عبارات بعض آخر [4]، إلّا أنّه نوقش فيه بعدم الفرق بينهما؛ فإنّه إن جاز أخذ الاجرة عليه منه فأولى أن يجوز من غيره، وإن لم يجز من غيره فأولى أن لا يجوز منه [5]). ومن هنا احتمل إرادة القاضي ابن البرّاج من الاجرة الارتزاق [6]).
وذهب البعض الآخر إلى كراهة أخذ الاجرة على الأذان [7]، وهو ظاهر المحقّق في المعتبر [8])، والشهيد في الذكرى [9])، وكذا نسب إلى السيد في المصباح [10]؛ ولحمل الأخبار المذكورة على الكراهة [11])؛ للأصل، مضافاً إلى ضعف السند [12])، ولأنّ الأذان عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه- كما سيأتي- فيجوز أخذ الاجرة عليه [13]).
وناقش في ذلك المحدّث البحراني
[1] الفقيه 3: 178، ح 3674. [2] جواهر الكلام 9: 72. وانظر: المختلف 2: 148 حيث قال: «لنا: أنّها عبادة دينيّة، فلا يجوز أخذ الاجرة عليها». [3] المهذّب 1: 90- 91. [4] المبسوط 1: 98. الشرائع 1: 75. البيان: 146. كما نسب ذلك الفاضل الهندي وصاحب مفتاح الكرامة والمحقق النجفي إلى الشيخ الطوسي والمحقق الحلّي. إلّا أنّ عباراتهم الاخرى تأبى عن ذلك. انظر: المبسوط 8: 85. الشرائع 2: 11. البيان: 146. [5] كشف اللثام 3: 370. مفتاح الكرامة 2: 275. جواهر الكلام 9: 71. [6] كشف اللثام 3: 370. مفتاح الكرامة 2: 275. [7] المدارك 3: 276. المفاتيح 1: 120. [8] المعتبر 2: 133- 134، وقال بعد نقل خبر السكوني: «وأقلّ ذلك الكراهيّة». [9] الذكرى 3: 223. [10] نقله عنه في المعتبر 2: 134. واحتمله الأردبيلي في مجمع الفائدة (8: 92). كما قوّاه المجلسي في بحار الأنوار (84: 161). [11] انظر: الذكرى 3: 223. المدارك 3: 276. كشف اللثام 3: 369. [12] المدارك 3: 276. كشف اللثام 3: 369. [13] نهاية الإحكام 1: 428.