يكون الخلاف فيه من الواحد والاثنين، عرفناهما بأعيانهما وأنسابهما، وقطعنا على أنّ إمام الزمان- عجّل اللَّه فرجه- ليس بواحدٍ منهما، فهذا الضرب يكون المعوّل فيه على أقوال باقي الشيعة الذين هم الجُلّ والجمهور، ولأنّا نقطع على أنّ قول الإمام في تلك الجهة دون قول الواحد والاثنين. والضرب الآخر من الخلاف أن تقول طائفة كثيرة لا تتميّز بعدد ولا معرفة إلّا الأعيان الأشخاص بمذهب، والباقون بخلافه، فحينئذٍ لا يمكن الرجوع إلى الإجماع والاعتماد عليه» [1]).
ومثله في عدم القدح بحجّية الإجماع الحدسي المبتني على أساس الملازمة أو تراكم الظنون وحساب الاحتمالات مع فرض المخالفين للإجماع ليسوا بتلك المنزلة بحيث تخلُّ مخالفتهم بالملازمة المستفادة بين فتوى المجمعين ورأي الإمام عجّل اللَّه فرجه أو بقيمة الاحتمالات الحاصلة من المجمعين.
قال السيد الشهيد محمّد باقر الصدر:
«ولمّا كان استكشاف الدليل الشرعي من الإجماع مرتبطاً بحساب الاحتمال لم يكن للإجماع بعنوانه موضوعيّة في حصوله، فقد يتمّ الاستكشاف حتّى مع وجود المخالف إذا كان الخلاف بنحو لا يؤثّر على حساب الاحتمال المقابل. وهذا يرتبط إلى درجة كبيرة بتشخيص نوعيّة المخالف وعصره، ومدى تغلغله في الخطّ العلمي وموقعه فيه. كما أنّه قد لا يكفي الإجماع بحساب الاحتمال للاستكشاف، فتضمّ إليه قرائن احتماليّة اخرى على نحو يتشكل من المجموع ما يقتضي الكشف بحساب الاحتمال» [2]).
كما يفرض الاختلاف بين الفقهاء على المجتهد تتبّع موارده والبحث عن أسبابه الراجعة إلى الدليل مقدّمةً لإعمال اجتهاده [3]).
لكن قد يقال بأنّ مراجعة موارد اختلاف الفقهاء ليس لازماً للمجتهد، فيكفيه معرفته بالأدلّة وقواعد الاستنباط، وخبرته في تطبيقها على محلّ البحث لا أكثر من ذلك [4]). [1] رسائل الشريف المرتضى 3: 313. [2] دروس في علم الاصول (الحلقة الثانية) 1: 281. [3] قوانين الاصول 2: 337 (حجرية). الاجتهاد والتقليد (الخميني): 13. [4] انظر: مفاتيح الاصول: 577. التنقيح في شرح العروة (الاجتهاد والتقليد): 27.