responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية المؤلف : موسسه دائرة المعارف الفقه الاسلامي    الجزء : 18  صفحة : 179
عملية، ولما كان الإيمان والاعتقاد من الامور القلبية فلا سبيل للإكراه إليه، وإنّما الإكراه يكون في الأعمال الظاهرية والأفعال والحركات البدنية، وأمّا الاعتقاد القلبي فله أسباب اخرى قلبية هي من سنخ الاعتقاد والإدراك [1].
فقوله تعالى: «لَاإِكْرَاهَ فِي الدِّينِ» [2] إن كان قضية إخبارية حاكية عن حال التكوين- كما عليه السيّد الخوئي [3]- فالمراد منها بيان ما تكرّر ذكره في الآيات القرآنية كثيراً من أنّ الشريعة لا تبتني على الجبر لا في اصولها ولا في فروعها، وأنّ مقتضى الحكمة هو إرسال الرسل وإنزال الكتب وبيان الأحكام؛ ليحيى من حيّ عن بيّنة، ويهلك من هلك عن بينة.
أمّا إذا كان ذلك قضية إنشائية- كما عليه السيّد الطباطبائي [4]، ويشهد له تعقيبه بقوله تعالى: «قَد تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» [5]- كان نهياً عن الحمل على الاعتقاد والإيمان كرهاً؛ حيث إنّ الإكراه- كما تقدّم- إنّما يؤثّر في الأفعال البدنية دون الاعتقادات القلبية، فيكون تبيّن الرشد بمنزلة التعليل له، بمعنى أنّه يركن إلى الإكراه فيما لا سبيل فيه إلى بيان وجه الحقّ؛ لبساطة فهم المأمور أو لأسباب اخرى.
وأمّا الامور المهمّة التي ظهر وجه الخير والشر فيها وتبيّن فلا حاجة فيها إلى إكراه، بل للإنسان أن يختار لنفسه ما شاء من طرفي الفعل والترك وعاقبتي الثواب والعقاب.
وبذلك ظهر أنّ هذه الآية هي إحدى الآيات الدالّة على أنّ الإسلام لم يبنَ على السيف والدم والإكراه، على خلاف ما زعمه بعض الباحثين من المنتحلين وغيرهم أنّ الإسلام دين السيف والجهاد، حيث قد يقال في الجواب عن ذلك: إنّ الجهاد والقتال الذي ندب إليه الإسلام ليس لغاية ربط الناس بالدين بالقوّة والإكراه، بل لإحياء الحقّ والدفاع عن النفس، وأمّا بعد انبساط التوحيد بين الناس وركونهم للدين ولو بالتهوّد والتنصّر فلا نزاع لمسلم‌
[1] انظر: شرح اصول الكافي 5: 72، الهامش. النصّ والاجتهاد: 7.
[2] البقرة: 256.
[3] انظر: البيان (الخوئي): 307- 308.
[4] انظر: الميزان 2: 343- 344.
[5] البقرة: 256.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية المؤلف : موسسه دائرة المعارف الفقه الاسلامي    الجزء : 18  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست