علي ابن أبي طالب عليه السلام أيّام ولايتهما الفعلية على بلاد المسلمين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [1]، كما كان علي عليه السلام يأمر ولاته وعمّاله بذلك أيضاً [2].
4- ورابعة: أعيان المسلمين ووجهاؤهم وأصحاب النفوذ الاجتماعي والاقتصادي والإعلامي فيهم، فعليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم من حيث قدرتهم على القيام بامور لا يقدر الكثيرون على القيام بها، فينبغي عليهم تهيئة الأجواء اللازمة لانتشار المعروف ومحو المنكر، فإنّ مناط الوجوب هو القدرة، فيجب على القادر ما لا يجب على العاجز.
أمر الأقارب ونهيهم:
يتأكّد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقّ المكلّف بالنسبة إلى أهله وذويه الأقرب فالأقرب.
فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في الواجبات- كالصلاة وأجزائها وشرائطها، بأن لا يأتوا بها على وجهها لعدم صحّة القراءة والأذكار الواجبة، أو لا يتوضّؤوا وضوءً صحيحاً أو لا يطهّروا أبدانهم ولباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح- أمرهم بالمعروف حتّى يأتوا بها على وجهها، وكذا الحال في بقية الواجبات.
وكذا إذا رأى منهم التهاون في اجتناب المحرّمات- كالغيبة، والنميمة، والعدوان من بعضهم على بعض أو على غيرهم، أو غير ذلك من المحرّمات- فإنّه يجب أن ينهاهم عن المنكر حتى ينتهوا عن المعصية [3].
والمستند في ذلك قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ...» [4].
فإنّ إطلاق الأمر بالوقاية يدلّ على لزوم تجنيبهم النار بحملهم على فعل الواجبات وترك المحرّمات، بل قد جعلهم قرين الأنفس، فكما يجب على الإنسان
[1] المسالك 3: 107. جواهر الكلام 21: 394. [2] كما هو الملاحظ من كلماته عليه السلام في نهج البلاغة. [3] المنهاج (الحكيم) 1: 490، م 8. المنهاج (الخوئي) 1: 353، م 1274. [4] التحريم: 6.