عدم الرطوبة [1] في الأجسام حين الاستنجاء على قولين:
الأوّل: الاعتبار، وهو الذي صرّح به جماعة [2]، بل نسبه في الحدائق إلى الأكثر [3]، حيث استدلّوا له بعدّة أدلّة:
منها: أنّ تنشيف النجاسة لا يتحقّق إلّا بما هو جافّ [4].
واورد عليه بأنّه لا يصحّ اعتبار البلل مانعاً من التطهير بغير الماء؛ لأنّه كالبلل الحاصل من التطهير بالماء، فكما لا يضرّ هناك لا يضرّ هنا [5].
ومنها: أنّ الحجر المرطوب ينجس بإصابة المحلّ، فتنتقل نجاسته إلى المحلّ الذي ترد عليه- بسبب ذلك- نجاسة اخرى تمنع الاستنجاء بالأحجار؛ لأنّ التطهير بها مشروط بعدم ورود نجاسة اخرى إلى محلّ الغائط، وإلّا تعيّن الماء [6].
واجيب عنه بأنّ وصول نجاسة إلى المحلّ إنّما يضرّ إذا كان ما يستنجى به متنجّساً بنجاسة أجنبية قبل الاستنجاء [7]، فلا تضرّ النجاسة إذا كان مصدرها المحلّ نفسه، وإلّا لما حصل التطهير حتى بالماء القليل، والبلل العالق بالأحجار مثله أيضاً [8].
ولابدّ من الإشارة إلى أنّ المقصود من الجفاف عند من اعتبره لا يعني اليبوسة، بل يكفي عدم وجود بلل يوجب سراية النجاسة، فلا تضرّ النداوة غير السارية [9].
القول الثاني: عدم الاعتبار، وهو مختار
[1] على اختلاف تعبيرهم، حيث عبّر بعضهم بالجفاف مثل العلّامة في المنتهى والشهيد الثاني في الروض، وعبّر آخرون بعدم الرطوبة مثل السيد اليزدي في العروة والإمام الخميني في التحرير. [2] المنتهى 1: 280. الروض 1: 77- 78. نسبه في المستند إلى والده 1: 379. العروة الوثقى 1: 334، م 3. مستمسك العروة 2: 222. تحرير الوسيلة 1: 15، م 1. التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 3: 418. [3] الحدائق 2: 31. [4] التذكرة 1: 127. [5] انظر: الحدائق 2: 32. [6] انظر: نهاية الإحكام 1: 88. الروض 1: 78. التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 3: 418. [7] انظر: الذكرى 1: 174. مجمع الفائدة 1: 91. الحدائق 2: 32. مستند الشيعة 1: 379. [8] انظر: نهاية الإحكام 1: 88. الذكرى 1: 174. [9] العروة الوثقى 1: 334، م 3. تحرير الوسيلة 1: 15، م 1. التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 3: 418.