5- التعارض بنحو العموم من وجه بين اطلاقي دليلين فيوجب الإجمال في إطلاقيهما بالنسبة لمورد الاجتماع والتعارض [1]).
خامساً- الإجمال في القرآن والسنّة:
أمّا القرآن فلا يوجد فيه إجمال بالذات بمعنى الإبهام أو عدم الدلالة أو الإهمال والذي يكون نقصاً في البيان البليغ، فإنّ القرآن ورد ليكون بياناً للناس وتبياناً لكلّ شيء بأبلغ وجه.
نعم يوجد فيه المتشابه، وقد نصّ عليه القرآن نفسه في قوله تعالى: «وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ» [2] إلّا أنّ المراد بالمتشابه فيه غير الإجمال بالمعنى المذكور، فإنّ دلالة الآية المتشابهة في نفسها واضحة، وإنّما الإجمال والالتباس في مقام الجري والتطبيق أو فيما يتداعى إلى الذهن من ملازمات وتداعيات ذهنيّة على أساس الانس أو الارتكاز العرفي الخارج عن حاق دلالة اللفظ.
ومما يشهد على ذلك ما في ذيل الآية من قوله تعالى: «فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ» [3] مما يعني أنّ المتشابه ليس مجملًا أو مبهماً، فإنّ المجمل لا معنى لاتباعه أو تأويله. نعم قد يقع الكلام في إمكان وقوع المشترك في القرآن وعدمه، وأنّه هل يعدّ نقصاً في البيان البليغ أم لا [4]).
وعلى كلّ حال فلا ينبغي الشكّ في خلوّ القرآن العظيم من كلّ ما يوجب نقصاً في دلالته وبيانيّته وبلاغته.
وكون الفرض في المحاورات قد يتعلّق بالإجمال والإبهام أمر صحيح، وهو الذي يصحّح استعمال الألفاظ المجملة في المحاورات، إلّا أنّه لا ربط له بمحلّ البحث وهو خلوّ القرآن الكريم الذي انزل تبياناً لكلّ شيء والذي هو في القمّة من حيث الفصاحة والبلاغة عما يكون مجملًا أو مبهماً في معناه، ودلالته بحيث يعد نقصاً في البيان أو بلاغته أو فصاحته، فإنّ هذا مضافاً إلى كونه مقطوع العدم بلحاظ
[1] مبادئ الوصول: 245. فرائد الاصول 1: 149- 601. 4: 88. نهاية الأفكار 4: 127- 209. [2] آل عمران: 7. [3] آل عمران: 7. [4] مفاتيح الاصول: 223. هداية المسترشدين 1: 497. كفاية الاصول: 35. حقائق الاصول 1: 87- 88. محاضرات في اصول الفقه 1: 214.