الأخيرتين: «فقوله عليه السلام في آخرها (صحيحة ابن سنان): ويجزيك التسبيح في الأخيرتين، كما يستفاد منه أنّه هناك شيء آخر يجتزي به، كذلك يستفاد منه أنّ موقع التسبيح موقع الإجزاء والاجتزاء، فيومئ إلى أرجحيّة القراءة» [1]).
وقال السيد الخوئي في بيان أفضلية الغسل الترتيبي من الارتماسي: «لأنّ الأخبار الواردة في المقام إنّما أمرت بالغسل ترتيباً ... فلو كنّا نحن وهذه الأخبار لقلنا بتعيّن الترتيبي لا محالة، ولكنّه ورد أنّ الارتماسي مجزٍ عن ذلك الواجب الأوّل، فإذا ضمّ أحدهما إلى الآخر ينتج ... ومعه يكون الترتيبي هو الأفضل ...» [2]).
5- دلالة لفظ الإجزاء على اختلاف المجزي عن المجزئ عنه حقيقة:
ادعى بعض الفقهاء دلالة لفظ الإجزاء على الاختلاف بين المجزي والمجزى عنه في الحقيقة، قال السيد الخوئي- في مقام البحث في أنّ حجّ البالغ وحجّ الصبي أو العبد هو حقيقة واحدة أم من قبيل اتحاد الصورة في الموارد المختلفة واختلاف الحقيقة-: «هذه الروايات الدالة على الإجزاء وعدمه تكشف عن الاختلاف في الحقيقة بين المجزي والمجزى عنه، فإنّ المجزي غير المجزئ عنه؛ إذ لا معنى لكون الشيء مجزياً عن نفسه، فإنّ إجزاء شيء عن شيء يقتضي الاثنينية والاختلاف بينهما» [3]).
وقد أشار إلى هذا المعنى أيضاً المحقق النجفي في مناقشة من قال بأنّ الحدث الأكبر أمر واحد بسيط وتعدّد أسبابه لا يقضي بتعدّده، حيث قال: «... ليس في الأدلّة ما يدلّ عليه ... والعقل لا نصيب له في ذلك، فإنّه لا مانع من تعدّد الأغسال بتعدد الأحداث، بل ظاهر قوله عليه السلام: إذا اجتمعت عليك للَّه حقوق أجزأ عنها غسل واحد. وغيره ذلك (التعدّد)؛ لظهور لفظ الحقوق والإجزاء فيه» [4]).
ثانياً- مسألة الإجزاء في اصول الفقه:
توضيحاً للمسألة يقال: إنّ مقتضى القاعدة الأولية في كل أمر عدم تحقّق امتثاله بغير متعلقه، وهذا ما يسمّى بقاعدة
[1] صلاة الجماعة: 151. [2] التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 5: 492. [3] معتمد العروة الوثقى (الحج) 1: 46. [4] جواهر الكلام 2: 115.