وأدّى بالتالي إلى أن يميل المحدّث البحراني نحو الاعتدال فيقبل الاجتهاد الفقهي، ويقبل الاجماع في حالة كونه كاشفاً عن السنّة- وهو المقصود منه في فقهنا- ويتراجع عن جملة ممّا كان تطرّف فيه الرعيل الأوّل من الأخباريين.
وتخرّج من مدرسة الوحيد البهبهاني طبقات من كبار الفقهاء والمحقّقين أمثال السيد محمّد مهدي بحر العلوم [ت/ 1212 ه]، والشيخ جعفر كاشف الغطاء [ت/ 1228 ه]، والسيد علي صاحب الرياض [ت/ 1231 ه]، والميرزا القمي [ت/ 1228 ه]، والسيد محمّد المجاهد [ت/ 1242 ه] والمحقق محمّد مهدي النراقي [ت/ 1209 ه] وولده أحمد [ت/ 1244 ه]، كما أنّه تخرّج على يد هؤلاء فقهاء عظام أمثال الشيخ محمّد حسن بن عبد الرحيم الطهراني صاحب الفصول الغروية [ت/ 1250 ه]، والشيخ محمّد تقي الاصفهاني صاحب كتاب هداية المسترشدين في شرح معالم الدين [ت/ 1248 ه]، والشيخ محمّد حسن النجفي صاحب جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام [ت/ 1266 ه].
6- دور التكامل والنضج
(منتصف القرن الثالث عشر-
إلى يومنا هذا)
ويعتبر هذا الدور هو امتداد للدور المتقدّم واستمرار لنفس المنهج الذي أرست وثبّتت مبانيه مدرسة الوحيد البهبهاني وتلامذته الأعلام.
وقد بلغ هذا المنهج عبر جيلين من فقهاء هذه المدرسة- وعلى يد أحد الأفذاذ منهم، وهو الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره [ت/ 1281 ه]- القمّة في النضج والعمق والشمول بحيث يمكن اعتباره عصراً جديداً في تاريخ الفقه واصوله، كما يتضح ذلك من المقارنة بين كتاب المكاسب في فقه المعاملات وكتاب فرائد الاصول للشيخ الأنصاري مع مصنّفات من نفس الموضوع لفقهاء هذه المدرسة قبله، فالفارق بينها يعدّ فارقاً كبيراً في المضمون والمنهجية وصناعة الاستدلال.
وقد تخرّج على الشيخ الأنصاري فقهاء كبار أمثال: المحقق الشيرازي الكبير [ت/ 1312 ه]، والشيخ حبيب اللَّه الرشتي [ت/ 1312 ه] والشيخ ملّا