وقال السيّد اليزدي: «وهل لهذا الواحد أن يرجع على لاحقه؟ وجهان: أقواهما العدم؛ لأنّ الوجه في رجوعه إنّما كان سببيته لضرره وأخذ الغرامة منه المفروض أنّه لم يؤخذ منه شيء، والفرق بينه وبين الهبة والمصالحة ونحوهما واضح، فتدبّر» [1].
2- الإبراء في مورد الكفالة:
إذا كفل المدين كفيلٌ فأبرأ الدائن المدين فإنّ هذا الإبراء يسري لا محالة إلى كفيل المدين الذي التزم للدائن باحضار المدين، فينحلّ به عقد الكفالة المبرم، وبذلك يخرج الكفيل عن العهدة؛ لارتفاع موضوع الكفالة وهو الدين، وهذا واضح.
وهكذا في كل من له حق على غيره إذا تكفّل له شخص باحضار من عليه الحق، فإنّ إبراء من عليه الحق يسري إلى الكفيل، وقد صرّح بذلك الفقهاء في كتبهم كالعلّامة الحلّي والمحدّث البحراني والسيد الحكيم والسيد الخوئي والسيّد الإمام الخميني وغيرهم.
وإذا ترامت الكفالات بنحو طولي بأن تكفّل شخص للدائن باحضار مدينه مثلًا وتكفل شخص ثانٍ باحضار هذا الكفيل وتكفل ثالث باحضار الكفيل الثاني وهكذا.
فاذا أبرأ الدائن المدين سرى الإبراء إلى الكفلاء، وكذلك إذا أبرأ الدائن أحد الكفلاء سرى الإبراء إلى جميع من تأخّر عنه لا من تقدم عليه؛ لأنّ كل كفالة لاحقة ومتأخرة، فهي فرع الكفالة السابقة المتقدمة عليها وهي بمثابة الموضوع لها، فإذا سقط بالابراء الأصل سقط الفرع لا محالة بارتفاع موضوعه.
وهذا هو معنى قول الفقهاء: إنّ إبراء الأصل إبراء للفرع، قال الشيخ الطوسي:
«وكذلك إذا أبرأ المكفول له الكفيل الأوّل برأ الباقون» [2]، وقال العلّامة الحلّي:
«فإن أبرأ المكفول برءوا جميعاً» [3]، وقال المحقّق النجفي: «ولو أقال المستحق الكفيل الأوّل برءوا أجمع... ولو أقال أحدهم برأ هو ومن بعده دون من
[1] حاشية المكاسب (اليزدي): 187 حجري. [2] المبسوط 2: 340. [3] التحرير 2: 573.