فَقُلْتُ قَوْلًا صَادِقاً غَيْرَ كَذِبْ
أَنَّ غَداً يَهْلِكُ أَعْلَامُ الْعَرَبِ
غَداً نُلَاقِي رَبَّنَا فَنَحْتَسِبْ
يَا رَبِّ لَا تُشْمِتْ بِنَا وَ لَا تُصِبْ[1]
مَنْ خَلَعَ الْأَنْدَادَ كُلًّا وَ الصُّلُبْ
غَداً يَكُونُونَ رَمَاداً قَدْ كُثِب
بَعْدَ الْجَمَالِ وَ الْحَيَاءِ وَ الْحَسَبْ
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَ عَلِيٌّ فَعَبَّأَ النَّاسَ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى أَصْبَحَ وَ عَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَ أَمَّرَ الْأُمَرَاءَ وَ كَتَّبَ الْكَتَائِبَ وَ بَعَثَ عَلِيٌّ مُنَادِياً فَنَادَى: «يَا أَهْلَ الشَّامِ اغْدُوا عَلَى مَصَافِّكُمْ» فَضَجَ[2] أَهْلُ الشَّامِ فِي عَسْكَرِهِمْ وَ اجْتَمَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَعَبَّأَ خَيْلَهُ وَ عَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَ أَمَّرَ الْأُمَرَاءَ وَ كَتَّبَ الْكَتَائِبَ ثُمَّ نَادَى مُعَاوِيَةُ: أَيْنَ الْجُنْدُ الْمُقَدَّمُ؟ فَخَرَجَ أَهْلُ حِمْصٍ فِي رَايَتِهِمْ عَلَيْهِمْ ذُو الْكَلَاعِ الْحِمْيَرِيُ[3] ثُمَّ نُودِيَ أَيْنَ أَهْلُ الْأُرْدُنِّ فَخَرَجُوا فِي رَايَاتِهِمْ عَلَيْهِمْ [أَبُو الْأَعْوَرِ] سُفْيَانُ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ ثُمَّ نُودِيَ أَيْنَ أَهْلُ قِنَّسْرِينَ فَجَاءُوا فِي رَايَاتِهِمْ عَلَيْهِمْ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ ثُمَّ نُودِيَ أَيْنَ جُنْدُ الْأَمِيرِ فَجَاءَ أَهْلُ دِمَشْقَ عَلَى رَايَاتِهِمْ وَ هُمُ الْقَلْبُ وَ عَلَيْهِمُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ فَأَطَافُوا بِمُعَاوِيَةَ وَ سَارَ أَبُو الْأَعْوَرِ وَ سَارَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مَنْ مَعَهُمَا حَتَّى وَقَفُوا قَرِيباً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو فَاسْتَقَلَّهُمْ وَ طَمِعَ فِيهِمْ وَ كَانَ أَهْلُ الشَّامِ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِالضِّعْفِ.
ثُمَّ رَجَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتَ وَ عَلِمْتَ مَا بَيْنَنَا مِنَ الْعَهْدِ وَ الْعَقْدِ فَاعْصِبْ هَذَا الْأَمْرَ بِرَأْسِي وَ أَرْسِلْ إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ فَنَحِّهِ عَنِّي وَ دَعْنِي وَ الْقَوْمَ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ أَنَّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَأْياً
[1] في الأصل:« لا تعب» صوابه في ح( 1: 482).
[2] في الأصل:« فصبح» صوابه في ح( 1: 481).
[3] في الأصل:« أبو الأعور السلمى»، و هو تحريف فإن أبا الأعور السلمى هو سفيان بن عمرو السلمى الذي سيأتي ذكره. و أمّا من كان على أهل حمص فهو ذو الكلاع الحميري كما سبق في ص 206.