يَا عَوْفُ لَوْ كُنْتَ امْرَأً حَازِماً
لَمْ تَبْرُزِ الدَّهْرَ إِلَى عَلْقَمَهْ
لَاقَيْتَ لَيْثاً أَسَداً بَاسِلًا
يَأْخُذُ بِالْأَنْفَاسِ وَ الْغَلْصَمَهْ
لَاقَيْتَهُ قِرْناً لَهُ سَطْوَةٌ
يَفْتَرِسُ الْأَقْرَانَ فِي الْمَلْحَمَهْ
مَا كَانَ فِي نَصْرِ امْرِئٍ ظَالِمٍ
مَا يُدْرِكُ الْجَنَّةَ وَ الْمَرْحَمَهْ
مَا لِابْنِ صَخْرٍ حُرْمَةٌ تَرْتَجِى
لَهَا ثَوَابَ اللَّهِ بَلْ مَنْدَمَهْ
لَاقَيْتَ مَا لَاقَى غَدَاةَ الْوَغَى
مَنْ أَدْرَكَ الْأَبْطَالَ يَا ابْنَ الْأَمَهْ
ضَيَّعْتَ حَقَّ اللَّهِ فِي نُصْرَةٍ
لِلظَّالِمِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَظْلَمَهْ
إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ مِنْ قَبْلِهِ
لَمْ يَكُ مِثْلَ الْعُصَبَةِ الْمُسْلِمَهْ
لَكِنَّهُ نَافَقَ فِي دِينِهِ
مِنْ خَشْيَةِ الْقَتْلِ عَلَى الْمَرْغَمَهْ
بُعْداً لِصَخْرٍ مَعَ أَشْيَاعِهِ
فِي جَاحِمِ النَّارِ لَدَى الْمَضْرَمَهْ[1].
فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَانَ ذُو الْحِجَّةِ فَجَعَلَ عَلِيٌّ يَأْمُرُ هَذَا الرَّجُلَ الشَّرِيفَ فَيَخْرُجُ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَيُقَاتِلُ وَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ رَجُلٌ مَعَهُ آخَرُ فَيَقْتَتِلَانِ فِي خَيْلِهَا وَ رَجِلِهِمَا ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ وَ أَخَذُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَرَاجَعُوا بِجَمِيعِ الْفَيْلَقِ مِنَ الْعِرَاقِ وَ أَهْلِ الشَّامِ مَخَافَةَ الِاسْتِئْصَالِ وَ الْهَلَاكِ وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يُخْرِجُ الْأَشْتَرَ مَرَّةً فِي خَيْلِهِ وَ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ مَرَّةً وَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ التَّمِيمِيَّ مَرَّةً وَ مَرَّةً خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ السَّدُوسِيَّ وَ مَرَّةً زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ وَ مَرَّةً زِيَادَ بْنَ جَعْفَرٍ الْكِنْدِيَّ وَ مَرَّةً سَعْدَ بْنَ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيَّ وَ مَرَّةً مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ الرِّيَاحِيَّ وَ مَرَّةً قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ كَانَ أَكْثَرُ الْقَوْمِ حُرُوباً الْأَشْتَرَ.
وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ يُخْرِجُ إِلَيْهِمْ- عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيَّ-
[1] جاحم النار: معظمها و موضع الشدة فيها. و المضرمة: مصدر ميمى من الضرم، و هو اشتعال النار و التهابها.