فروى المفيد عن ابن الحنفية قال: بينا هو يوصي أصحابه إذ أظلّنا نبل القوم فقتل رجل من أصحابه، و جاءوا به إليه فلما رآه قال: اللهم اشهد.
ثم رمى ابن لعبد اللّه بن بديل (أو أخوه عبد الرحمن) فقتل، و كان عبد اللّه بن العباس لديهم فحمله و أبوه حتى وضعاه بين يدي علي عليه السّلام و قال عبد اللّه بن بديل: يا أمير المؤمنين؛ حتى متى ندلى نحورنا للقوم يقتلوننا رجلا رجلا، فإن كنت تريد الإعذار فقد-و اللّه-أعذرنا.
قال ابن الحنفية: فقال لي أمير المؤمنين: يا بنيّ قدّم رايتك!و بعث إلى الميمنة و الميسرة. ثم استوى على بغلة رسول اللّه الشهباء و وقف أمام أصحابه، فتقدمت بين يديه و نشرت اللواء مستعدا.
و جاء القوم بالجمل و عليه الهودج فيه عائشة، و خطامه في يد كعب بن سور الأزدي و معه الأزد و في عنقه مصحف، و أحاط بالجمل بنو ضبّة، و بين يدي عائشة ابن اختها ابن الزبير، و الزبير يدبّر العسكر، و مروان بن الحكم على يمين الجمل، و طلحة على الفرسان، و ابنه محمد على الرجّالة، و زحف القوم نحونا.
فناداني أبي: قدّم اللواء، فقدّمته، و زحف معنا المهاجرون و الأنصار.
فلما برزت عن الصفّ رشقوني رشقة رجل واحد!فوقفت مكاني حتى ينقضي رشقهم مرّة أو مرّتين ثم أقدم، فلم أشعر إلاّ و أبي ضرب بيده بين كتفي [1] و استقدموا حتى دنوا من عسكر أمير المؤمنين عليه السّلام.
و كان رسول اللّه عند الاستسقاء يلقي على نفسه بردة فيقلب يمينها عن منكبه الأيمن إلى الأيسر، و الأيسر إلى الأيمن، ففعلت ذلك عائشة ثم قالت لمن حولها: