و هو قريب من البصرة [1] فعسكرا فيه و فيه كتبا إلى عثمان بن حنيف الأنصاري:
أن أخل لنا دار الإمارة!
فلما وصل كتابهما إليه بعث إلى الأحنف بن قيس التميمي شيخهم يستشيره فقال له:
إن هؤلاء القوم قدموا علينا و معهم زوجة رسول اللّه، و الناس إليها سراع كما ترى!فما ترى؟
فقال له الأحنف: معك أهل البصرة و أنت و إليهم و مطاع فيهم، فسر بالناس إليهم، و بادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة فيكون الناس أطوع لهم منهم لك، و إن لم تتأهّب للنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة فإني أظنّهم-و اللّه- سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به!و أراهم-و اللّه-لا يزايلون حتى يلقوا العداوة بيننا و يسفكوا دماءنا!
فقال له ابن حنيف: الرأي ما رأيت، و لكنّي أكره أن أبدأهم بالشر، و أرجوا السلامة و العافية إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين و رأيه فأعمل به.
ثم أتاه حكيم بن جبلة العبدي فأقرأه كتاب طلحة و الزبير و استشاره، فقال حكيم مثل قول الأحنف، و أجابه عثمان بمثل جوابه السابق للأحنف، فقال حكيم:
فأذن لي أنا أن أسير بالناس إليهم، فإن دخلوا في طاعة أمير المؤمنين و إلاّ نابذتهم القتال.
فقال عثمان: لو كان رأيي ذلك لسرت إليهم بنفسي.
فقال حكيم: أما و اللّه إن دخلوا عليك هذا المصر لينقلبنّ قلوب كثير
[1] حفر أبي موسى: بئر واسعة كان حفرها أبو موسى الأشعري لحجّاج البصرة إلى مكة، بينها و بين البصرة خمس ليال. معجم البلدان 2: 275، و يقال له الحفير أيضا.