و قال الدينوري: دعاهم عبد اللّه بن عامر إلى البصرة و وعدهم الأموال و الرجال.
فقال سعيد بن العاص لطلحة و الزبير: إن ابن عامر يدعوكما إلى البصرة و قد فرّ من أهلها فرار العبد الآبق و هم في طاعة عثمان، و يريد اليوم أن يقاتل بهم عليا و هم في طاعة علي!و خرج منهم أميرا و يعود إليهم طريدا، و يعدكم الأموال و الرجال فأما الأموال فعنده و لكن لا رجال له. و كان معهم الوليد بن عقبة و مروان بن الحكم.
فقال الزبير: الشام بها الرجال و الأموال و عليها معاوية، و هو ابن عمّ الرجل (عثمان) فمتى نجتمع عنده يولّنا عليه!
فقال يعلى بن منية-و كان داهية-أيها الشيخان، قدّرا قبل أن ترحلا: إنّ معاوية قد سبقكم إلى الشام و فيها الجماعة، و أنتم تقدمون عليه غدا في فرقة، و هو ابن عمّ عثمان دونكم، أ رأيتم إن دفعكم عن الشام أو قال: أجعلها شورى، فما أنتم صانعون؟أ تجعلونها شورى فتخرجا منها؟أم تقاتلونه؟و أقبح من ذلك أن تأتيا رجلا في يديه أمر قد سبقكما إليه و تريدا أن تخرجاه عنه!
فقال القوم: فإلى أين؟
قال: البصرة. و قال ابن عامر: البصرة، فإن غلبتم عليا فلكم الشام!و إن غلبكم علي كان معاوية جنة لكم، و هذه كتب أهل البصرة إليّ!
فقال الزبير له: فمن رجال البصرة؟قال: ثلاثة كلهم سيّد مطاع: المنذر بن ربيعة في ربيعة، و الأحنف بن قيس التميمي في مضر، و كعب بن سور (قاضي البصرة) في اليمن.
فاجتمعت كلمتهم على المسير إلى البصرة، و كتبوا كتبا إلى هؤلاء الثلاثة [1] .
[1] الإمامة و السياسة: 59 و 60، و انظر الطبري 4: 450، 451 عن سيف و 452 عن الزهري.