responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة التاريخ الاسلامي المؤلف : اليوسفي، الشيخ محمد هادي    الجزء : 4  صفحة : 487

كتابه عليه السّلام إلى ابن حنيف:

و كأن الثوّار البصريّين كانوا قد رجعوا إلى البصرة، و عليها الوالي الجديد عثمان بن حنيف الأنصاري، و بلغهم أن رجلا من أغنيائها أعدّ له مأدبة طعام و دعا معه أمثاله من الأغنياء إليها، فكان ذلك مشابها لما كان عليه عامل عثمان عبد اللّه بن عامر و على خلاف ما يتوقّعون، فأبلغوا ذلك عليا عليه السّلام، فكتب إليه:

أما بعد، يا ابن حنيف، فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان و تنقل إليك الجفان!و ما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ و غنيّهم مدعوّ. فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه، و ما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه.

ألا و إن لكلّ مأموم إماما يقتدي به و يستضي‌ء بنور علمه، ألا و إنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه و من طعمه بقرصيه. ألا و إنكم لا تقدرون على ذلك، و لكن أعينوني بورع و اجتهاد و عفّة و سداد، فو اللّه ما كنزت من دنياكم تبرا و لا ادّخرت من غنائمها وفرا، و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا، و لا حزت من أرضها شبرا، و لا أخذت منه إلاّ كقوت أتان دبرة، و لهي في عيني أهوى و أهون من عفصة مقرة (ورقة مرّة) .

بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلّته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم و سخت عنها نفوس قوم آخرين، و نعم الحكم اللّه!و ما أصنع بفدك و غير فدك و النفس مظانّها في غد جدث، تنقطع في ظلمته آثارها و تغيب أخبارها، و حفرة لو زيد في فسحتها و أوسعته يدا حافرها، لأضغطها الحجر و المدر، و سدّ فرجها التراب المتراكم. و إنما هي نفسي اروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، و تثبت على جوانب المزلق.

و لو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل و لباب هذا القمح و نسائج هذا القزّ، و لكن هيهات أن يغلبني هواي و يقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة،

اسم الکتاب : موسوعة التاريخ الاسلامي المؤلف : اليوسفي، الشيخ محمد هادي    الجزء : 4  صفحة : 487
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست