و أقام حذيفة بن اليمان العبسي على المدائن كما كان و كتب إليه:
«بسم اللّه الرحمن الرحيم، من عبد اللّه علي أمير المؤمنين إلى حذيفة بن اليمان، سلام عليك، أما بعد، فإني قد ولّيتك ما كنت عليه لمن كان قبلي من حرف المدائن، و قد جعلت إليك أعمال الخراج و الرستاق و جبابة أهل الذمة، فاجمع إليك ثقاتك و من أحببت ممن ترضى دينه و أمانته، و استعزّ بهم على أعمالك، فإن ذلك أعزّ لك و لوليك و أكبت لعدوّك، و إني آمرك بتقوى اللّه و طاعته في السرّ و العلانية، و احذّرك عقابه في المغيب و المشهد. و أتقدّم إليك بالإحسان إلى المحسن و الشدة على المعاند، و آمرك بالرفق في امورك و الدين، و العدل في رعيّتك-فإنك مسائل عن ذلك-و إنصاف المظلوم، و العفو عن الناس، و حسن السيرة ما استطعت، فإن اللّه يجزي المحسنين. و آمرك أن تجبي خراج الأرضين على الحق و النصفة، و لا تجاوز ما تقدّمت به إليك و لا تدع منه شيئا و لا تبدع فيه أمرا. ثم اقسم بين أهله بالسويّة و العدل، و اخفض لرعيّتك جناحك و آس بينهم في مجلسك، و ليكن القريب و البعيد عندك في الحق سواء، و احكم بين الناس بالحق، و أقم فيهم بالقسط، و لا تتّبع الهوى، و لا تخف في اللّه لومة لائم إِنَّ اَللََّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ اَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ .
و قد وجّهت إليك كتابا عهدا لتقرأه على أهل مملكتك ليعلموا رأينا فيهم و في جميع المسلمين، فأحضرهم و اقرأ عليهم و خذ البيعة لنا على الصغير و الكبير منهم إن شاء اللّه تعالى» .
و كان كتابه إليهم: «بسم اللّه الرحمن الرحيم، من علي بن أبي طالب إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم اللّه الذي لا إله إلاّ هو، و أسأله أن يصلّي على محمد و آله.