و كان منجّما أيقن بالهلكة فكتب إلى أخيه: بسم اللّه وليّ الرحمة، من الإصبهبد (العقيد) رستم إلى أخيه «أما بعد: فإني رأيت المشتري في هبوط و الزهرة في علوّ فهو آخر العهد منك، و السلام (كذا) عليك الدهر الدائم» .
و خطب سعد بن أبي وقاص المسلمين فرغّبهم في الجهاد و أعلمهم ما وعد اللّه نبيّه من النصر و إظهار الدين. و كان سعد يومئذ عليلا [1] فصار إلى قصر العذيب فنزله و تحصّن فيه، فبلغ ذلك إلى رستم فوجّه خيلا فأحدقوا بالقصر، فصار المسلمون إليهم فانهزموا.
و نشبت الحرب بينهم بعد صلاة الظهر، و حسن بلاء المسلمين و غناؤهم و اقتتلوا قتالا شديدا [2] .
و في المسعودي: برز أهل النجدات، فخرج إليهم أقرانهم من صناديد فارس. خرج غاب بن عبد اللّه الأسدي، فخرج إليه هرمز و كان ملكا متوّجا، فاعتوروا الطعن و الضرب حتى أسره غالب و ذهب به إلى سعد و كرّ راجعا للقتال.
و خرج عاصم بن عمرو فبرز إليه عظيم من أساورتهم فجالا حتى ولّى الفارسي، و غاص عاصم بينهم ثم خرج يسوق بغلا عليه صناديق فيها أطعمة حسنة فذهب بها إلى سعد.
[1] خرجت بفخذيه دماميل من عرق النسا فاستخلف عليهم خالد بن عرفطة حليف بني أميّة.
و أشرف مكبّا على و سادة ينظر إليهم. الطبري 3: 531، و إنما تأخر القتال إلى الزوال لإمهالهم الفرس حتى ينتهوا من طمّ نهر العتيق كي لا يعوقهم. الطبري 3: 529 و 574، و لما صلّى سعد الظهر أمر غلاما ألزمه إياه عمر و كان قارئا أن يقرأ على المسلمين الجهاد (الأنفال) فقرئت في كل كتيبة و لما فرغ القرّاء كبّر سعد فكبّر من سمعه ثم من سمعوهم، ثم ثنّى ثم ثلث ثم تبارزوا و الفرس ينادون: مرد و مرد: رجل و رجل. الطبري 3: 536-537.