و أخبر خالد بمقتل مسيلمة و محكّم و طلب من يعرّفه بهما فأمر أن يأتوه من فسطاطه بمجّاعة، فجاءوه به مغلولا ليدله عليهما، فجعل يكشف القتلى حتى مرّ بمحكّم بن الطفيل فقال خالد: هذا صاحبكم؟قال: لا، و هو خير منه هو محكّم اليمامة، ثم مرّ بمسيلمة و هو رجيل صغير الجسم، دقيق الساقين، اصفر اللون فوقف عليه مجاعة و قال لخالد: هذا هو صاحبنا: فقال خالد: ويلك هذا هو الذي فعل بكم ما فعل؟!قال: قد كان ذلك [1] و له يومئذ مائة و خمسون سنة [2] . غ
و سائر الحصون:
و هنا روى الطبري عن سيف عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن خالدا لما فرغ من جند مسيلمة استعجله عمّه عبد الرحمن بن أبي بكر و معه عبد اللّه بن عمر أن ينتقل من حصن الحديقة إلى سائر الحصون فقال لهما: دعاني أبثّ الخيول فالتقط من ليس في الحصون ثم أرى رأيي. فبث الخيول فقتلوا هناك من بني حنيفة سبعة آلاف و حووا ما وجدوا من مال و نساء و صبيان فضمّوها إلى معسكرهم، ثم نادى بالرحيل لينزل على الحصون [3] .
و أوهم مجّاعة أن في داخل الحصون أقواما و دعا خالدا إلى المصالحة على ما يجدون من الذهب و الفضة و نصف المماليك، و اطلق لذلك فألبس النساء السلاح و أوقفهم على الحصون و رجع إلى خالد فقال: إنهم أبوا عليّ النصف و أبوا عليّ إلاّ الربع. فقبل خالد بذلك، فلما فتحت الحصون و نظروا فإذا ليس في الحصون سوى النساء و الصبيان و رجال ضعفاء و مشيخة فانية!فقال خالد: أ مكرا يا مجّاعة؟