responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 9  صفحة : 352
فطلقها عبد الملك، فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ هَذَا نَقَمَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الملك لأجل ذَلِكَ، فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ، وَقَالَ إنَّما أَرَدْتَ أَنْ تُذِلَّ بنيَّها مِنَ الْخُلَفَاءِ، وَضَرَبَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً لأنه اشتهر عنه أنه قال: الخلافة صائرة إلى بيته، فَوَقَعَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ [1] .
وَذَكَرَ الْمُبَرِّدُ أَنَّهُ دَخَلَ على هشام بن عبد الملك ومعه ابناه السَّفَّاحُ وَالْمَنْصُورُ وَهُمَا صَغِيرَانِ، فَأَكْرَمَهُ هِشَامٌ وَأَدْنَى مَجْلِسَهُ، وَأَطْلَقَ لَهُ مِائَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا [2] ، وَجَعَلَ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُوصِيهِ بِابْنَيْهِ خَيْرًا، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا سَيَلِيَانِ الْأَمْرَ، فَجَعَلَ هِشَامٌ يَتَعَجَّبُ مِنْ سَلَامَةِ بَاطِنِهِ وَيَنْسُبُهُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْحُمْقِ، فَوَقَعَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ.
قَالُوا: وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ وَتَمَامِ الْقَامَةِ، كَانَ بَيْنَ النَّاسِ كَأَنَّهُ رَاكِبٌ، وَكَانَ إِلَى مَنْكِبِ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى مَنْكِبِ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ إِلَى مَنْكِبِ أَبِيهِ عَبْدِ المطَّلب، وَقَدْ بَايَعَ كَثِيرٌ من الناس لابنه محمد بالخلافة قبل أن يموت علي هذا قَبْلَ هَذِهِ السَّنَةِ بِسَنَوَاتٍ، وَلَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَمْرُهُ حَتَّى مَاتَ فَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو العبَّاس السَّفاح، وَكَانَ ظهوره في سنة اثنتين وثلاثين كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيّ، وَأَبُو صخرة جامع بن شداد، وأبو عياش الْمَعَافِرِيُّ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ
ففيها غزا الوليد بن القعقاع بلاد الرُّومِ.
وَفِيهَا قَتَلَ أَسَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مَلِكَ التُّرْكِ الْأَعْظَمَ خَاقَانَ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَسَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرَ خُرَاسَانَ عَمِلَ نِيَابَةً عَنْ أَخِيهِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْعِرَاقِ، ثُمَّ سَارَ بِجُيُوشِهِ إِلَى مَدِينَةِ خُتَّل فَافْتَتَحَهَا، وَتَفَرَّقَتْ فِي أَرْضِهَا جُنُودُهُ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ وَيَغْنَمُونَ، فَجَاءَتِ الْعُيُونُ إِلَى مَلِكِ التُّرْكِ خَاقَانَ أَنَّ جَيْشَ أَسَدٍ قَدْ تَفَرَّقَ فِي بِلَادِ خُتَّل، فَاغْتَنَمَ خَاقَانُ هَذِهِ الْفُرْصَةَ فَرَكِبَ مِنْ فَوْرِهِ فِي جُنُودِهِ قَاصِدًا إِلَى أَسَدٍ، وَتَزَوَّدَ خَاقَانُ وَأَصْحَابُهُ سِلَاحًا كَثِيرًا، وقديداً وملحاً، وساروا في حنق عظيم، وجاء إِلَى أَسَدٍ فَأَعْلَمُوهُ بِقَصْدِ خَاقَانَ لَهُ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ كَثِيفٍ، فَتَجَهَّزَ لِذَلِكَ وَأَخَذَ أُهْبَتَهُ، فَأَرْسَلَ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى أَطْرَافِ جَيْشِهِ، فَلَمَّهَا وَأَشَاعَ بَعْضُ النَّاس أَنَّ خَاقَانَ قَدْ هَجَمَ عَلَى أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَتَلَهُ وَأَصْحَابَهُ، ليحصل بذلك خذلان لأصحابه، فلا يجتمعون إِلَيْهِ، فَرَدَّ اللَّهُ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَجَعَلَ تَدْمِيرَهُمْ فِي تَدْبِيرِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا سَمِعُوا بِذَلِكَ أَخَذَتْهُمْ حَمِيَّةُ الْإِسْلَامِ وَازْدَادُوا حَنَقًا عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَعَزَمُوا عَلَى الْأَخْذِ بِالثَّأْرِ، فَقَصَدُوا الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ أَسَدٌ، فَإِذَا هُوَ حَيٌّ قَدِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْعَسَاكِرُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَسَارَ أَسَدٌ نَحْوَ خَاقَانَ حَتَّى أَتَى جَبَلَ الْمِلْحِ، وَأَرَادَ أَنْ يَخُوضَ نَهْرَ بَلْخَ، وَكَانَ مَعَهُمْ أَغْنَامٌ كَثِيرَةٌ، فَكَرِهَ أَسَدٌ أَنْ يَتْرُكَهَا

[1] وفيات الاعيان 3 / 275 - 276.
[2] انظر الكامل للمبرد 1 / 368.
وفيه: ثلاثون ألف درهم.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 9  صفحة : 352
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست