(مسألة 62) تؤخذ الجزية من أهل
الكتاب و بذلك يرتفع عنهم القتال و الاستعباد،و يقرّون على دينهم،و يسمح
لهم بالسكنى في دار الإسلام آمنين على أنفسهم و أموالهم،و هو اليهود و
النصارى و المجوس بلا إشكال و لا خلاف،بل الصابئة أيضا على الأظهر،لأنّهم
من أهل الكتاب على ما تدلّ عليه الآية الكريمة و هي قوله تعالى
{ إِنّ الّذِين آمنُوا و الّذِين هادُوا و النّصارى و
الصّابِئِين منْ آمن بِاللّهِ و الْيوْمِ الْآخِرِ و عمِل
صالِحاً فلهُمْ أجْرُهُمْ عِنْد ربِّهِمْ و لا خوْفٌ
عليْهِمْ و لا هُمْ يحْزنُون } [1]
و الجزية توضع عليهم من قبل النبي الأكرم صلى الله عليه و آله أو الإمام
عليه السلام حسب ما يراه فيه من المصلحة كمّا و كيفا،و لا تقبل من غيرهم
كسائر الكفّار بلا خلاف،فإنّ عليهم أن يقبلوا الدعوة الإسلامية أو يقتلوا،و
تدلّ عليه غير واحدة من الآيات الكريمة،منها قوله تعالى { فإِذا لقِيتُمُ الّذِين كفرُوا فضرْب الرِّقابِ } [2].
و منها قوله تعالى { قاتِلُوهُمْ حتّى لا تكُون فِتْنةٌ و يكُون الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ } [3]
و غيرهما من الآيات،و بعموم هذه الآيات يرفع اليد عن إطلاق معتبرة مسعدة
بن صدقة الدالّة بإطلاقها على عدم اختصاص أخذ الجزية بأهل الكتاب،فقد روي
عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إنّ النبي صلى الله عليه و آله و سلّم
إذا بعث أميرا له على سرية أمره بتقوى اللّه عزّ و جل في خاصة نفسه ثم في
أصحابه العامة-إلى أن قال:-و إذا لقيتم عدوا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى
ثلاث،فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منه و كفوا عنه،و ادعوهم إلى الإسلام
فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم و كفوا عنهم، و ادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام
فإن فعلوا فاقبلوا منهم و كفوا عنهم-إلى أن قال- [1]سورة البقرة،الآية 62. [2]سورة محمد صلى الله عليه و آله،الآية 4. [3]سورة الأنفال،الآية 39.