بعض المواضع أحد المعنيين الملتبسين ، كما في قولك : ما بالله حاجة فيظلمك [١] ، على ما يجيء في قسم الأفعال ، فاعتبر ذلك الكوفيون ،
وقالوا إعراب المضارع أصلي ، لا بمشابهته للاسم ، خلافا للبصريين على ما يجيء في
بابه.
فظهر بهذا
التقرير أن الأصل في الاعراب : الأسماء دون الأفعال والحروف ، وأن أصل كل اسم أن
يكون معربا.
فإن قيل : كيف
حكم بذلك ، وأصل الأسماء الإفراد ، وهي في حالة الإفراد غير مستحقة للاعراب ، كما
تقدم في الأسماء المعدّدة؟.
قلت : انما حكم
بذلك لأن الواضع لم يضع الأسماء إلا لتستعمل في الكلام مركبة ، فاستعمالها مفردة
مخالف لنظر الواضع ، فبناء المفردات وإن كانت أصولا للمركبات عارض لها لكون
استعمالها مفردة عارضا لها غير وضعي!
وقد خرج من
عموم قولهم : أصل الأسماء الإعراب صنفان منها :
أحدهما أسماء
الأصوات ، كنخ ، وجه ، ودج ، وده [٢] ؛ لأن الواضع لم يضعها إلا لتستعمل مفردة ، لأنها لم
تكن في الأصل كلمات ، كما يجيء في بابها ، والثاني أسماء حروف التهجي ، لأنها
كالحكاية لحروف التهجي التي ليست بكلم ، ومن ثمّ كانت أوائلها تلك الحروف المحكية
، إلّا لفظة «لا» ، فإنهم لما لم يمكنهم النطق بالألف الساكنة ، توصلوا إليه
باللام المتحركة ، كما توصلوا إلى النطق بلام التعريف الساكنة بالألف المتحركة
أعني الهمزة.
وأما «ألف» فهو
اسم الهمزة لأن أوله الهمزة ، فينبغي أن تقول : «لا» ولا تقول :
[١] يأتي في نواصب
المضارع أن الفعل المضارع الواقع بعد الفاء في جواب النفي يحتمل أكثر من معنى ،
ومن هنا قال الكوفيون انه تتعاقب عليه المعاني المختلفة المقتضية للإعراب كالاسم.
[٢] تقدم أن : نخ صوت
لإناخة الإبل ، ودج صوت يزجر به الدجاج. وأما جه وده ، فهما لزجر الإبل ، وستأتي
هذه الكلمات موضحة المعاني في باب أسماء الأصوات ،