اسم الکتاب : شرح الرضيّ على الكافية المؤلف : الأسترآباذي، رضي الدين الجزء : 1 صفحة : 480
بأن تقدر «اتق» تحذيرا مما بعد ذلك المعمول ، كالأسد الذي بعد إياك ،
وتقدير اتق ، ههنا فيه بعض السماجة من حيث المعنى ، إذ يصير المعنى : اتق نفسك من
الأسد ، ولا يقال اتقيت زيدا من الأسد ، أي نحيته ، ولو قال بتقدير «نحّ» أو «بعّد»
كان أولى.
قوله : «أو ذكر
المحذّر منه مكررا» ، فيه نظر ، وذلك أن «ذكر» مصدر ، ففي عطفه على قوله معمول ،
بعد من حيث المعنى ، إلا أن يقدر في الأول مضاف ، أي هو ذكر معمول ، أو ذكر المحذر
منه ، وفيه نظر أيضا ، لأن مراده بالتحذير : هذا المنصوب [١] لأنه في تقسيم المنصوبات ، ألا ترى إلى قوله : الثاني
المنادى ، الثالث ، ما أضمر عامله ، فلا يصح : الرابع ذكر منصوب حكمه كذا.
وفي بعض النسخ
، أو ذكر بلفظ ما لم يسمّ فاعله ، وليس بوجه ، لأن «أو» ههنا متصلة من حيث المعنى
فينبغي أن يليها مثل المذكور قبل ، كما في نحو : جاءني زيد أو عمرو ، بلى ، لو
كانت منفصلة [٢] جازت المخالفة بين ما بعدها وما قبلها ، تقول : أنا
مقيم ثم يبدو لك ، فتقول : أو أمشي ، بمعنى بل أنا أمشي ، فيكون للاضراب عن الأول
والاثبات للثاني ، كما يجيء في حروف العطف ؛ قال سيبويه في قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ
كَفُوراً)[٣] ، لو قال أو لا تطع كفورا ، لانقلب المعنى ، لأنها ،
إذن ، إضرابية بمعنى بل ، فتكون للاضراب عن النهي عن طاعة الآثم ، فلو قلنا ههنا :
أو ذكر ، لكان إضرابا عن قوله : معمول بتقدير اتق ، ولا يستقيم فعلى كل وجه في
لفظه نظر.
وضابط هذا
الباب أن تقول : كل محذّر معمول لا حذر أو بعّد ، أو شبههما ، مذكور بعده ما هو
المحذّر منه إما بواو العطف أو بمن ظاهرة أو مقدرة ، يجب اضمار عامله ، وكذا كل
محذّر منه مكرّر ، معمول لبعّد ، فيدخل في الأول نحو : اياك والأسد وإياي
[١] تقدم أنه قال أن
لفظ اياك والاسد ونحوه هو آلة التحذير. والأسلوب المستعمل فيه ولكنه يقصد أن عبارة
ابن الحاجب فيها أن التحذير هو نفس الاسم المنصوب.
[٢] يريد أن يراد بها
الاضراب. كما يتبين من شرحه وتمثيله.