الحمد لله الذي
جلّت آلاؤه عن أن تحاط بعدّ ، وتعالت كبرياؤه عن أن تشتمل بحدّ ، تاهت في موامى
معرفته سابلة الأفهام ، وغرقت في بحار عزته سابحة الأوهام ؛ كل ما يخطر ببال ذوي
الأفكار فبمعزل عن حقيقة ملكوته ، وجميع ما تعقد عليه ضمائر أولي الأبصار فعلى
خلاف ما ذاته المقدسة عليه من نعوت جبروته ؛
وصلواته على
خاتم أنبيائه ، ومبلّغ أنبائه ، محمد بن عبد الله المبشّر به قبل ميلاده ، وعلى
السادة الأطهار من عترته وأولاده ؛
وبعد فقد طلب
إليّ بعض من أعتنى بصلاح حاله ، وأسعفه بما تسعه قدرتي من مقترحات آماله ، تعليق
ما يجري مجرى الشرح على مقدمة ابن الحاجب عند قراءتها عليّ ،
فانتدبت له [١] مع عوز ما يحتاج إليه الغائص في هذا اللجّ ، والسالك
لمثل هذا الفجّ ، من الفطنة الوقادة ، والبصيرة النفادة ، بذلا لمسئوله ، وتحقيقا
لمأموله ؛
ثم اقتضى الحال
بعد الشروع ، التجاوز عن [٢] الأصول إلى الفروع ؛
[١] فانتدبت له : أي
أجبته إلى طلبه. يقال ندبه إلى كذا فانتدب له ، أي دعاه وطلب منه فانتدب أي فأجاب.
[٢] التجاوز عن
الأصول أي الانتقال منها إلى الفروع. وكان يمكن أن يقول : تجاوز الأصول إلى
الفروع. لأنه
متعد بنفسه ، وكأنه ضمنه معنى الانتقال أو التباعد. فعداه بعن.